|
جدة - عبدالله الزهراني - تصوير: محمد شاجع
أطلق صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكة المكرمة، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية, وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ظهر أمس الأول عدداً من المشاريع السياحية في محافظتي الليث والقنفذة بفندق ويستن جدة.
وقد بدأ الحفل الخطابي الذي أُقيم بهذه المناسبة بالقرآن الكريم، ثم ألقى المدير التنفيذي لجهاز التنمية السياحية بمنطقة مكة المكرمة محمد بن عبدالله العمري كلمةً، قدَّم خلالها شكره إلى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز الذي اعتمد بناء الإنسان والمكان أساساً لإعداد وتنفيذ إستراتيجية منطقة مكة المكرمة. مشيراً إلى أن الهيئة العامة للسياحة والآثار قامت مع شركائها الرئيسيين في المنطقة بشكل عام، وأمانة محافظة جدة ومحافظة القنفذة على وجه الخصوص، على تنفيذ برنامج تطوير الوجهات والمنتجعات والمواقع السياحية، الذي يُعدّ مبادرة منبثقة من الأهداف الرئيسية للهيئة وخطوة عملية لتنفيذ خطة العمل التنفيذية لخطة تنمية السياحة في منطقة مكة المكرمة.
وأوضح أن المشاريع السياحية التي ستشهدها محافظتا الليث والقنفذة استفادت من الخطة الاستراتيجية لتنمية البحر الأحمر، التي تركز على بناء الإنسان والمكان. وقال إن الهيئة العامة للسياحة والآثار نجحت في تقديم هذا المنتج الذي يعد حصيلة عمل عامين ونصف العام.
وأكد المدير التنفيذي لجهاز التنمية السياحية بمنطقة مكة المكرمة أن صناعة السياحة من أكثر القطاعات الاقتصادية توفيراً للوظائف؛ حيث إنها تتضمن العديد من فرص التطور المهني. مبيناً أن مبادرة رجال الأعمال السعوديين تجاه مشاريع الاستثمار السياحي تُعدُّ نموذجاً في الالتزام بتحقيق أهداف وتطلعات الجميع، كما تعكس رغبتهم الصادقة في تقديم تجارب سياحية يستفيد منها الوطن والأجيال القادمة.
بعد ذلك قدّم المدير العام لتطوير المواقع السياحية بالهيئة العامة للسياحة والآثار المهندس أسامة خلاوي عرضاً مرئياً للمشاريع السياحية في محافظتي الليث والقنفذة، واستعرض جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار والشركاء الرئيسيين للهيئة من إمارة منطقة مكة المكرمة وأمانة محافظة جدة والجهات البلدية والخدمية في المحافظتين, والتركيز على وضع خطة لتطوير المواقع الرئيسية، ومنها ثلاثة مواقع في محافظة الليث كالمجيرمة وشاطئ الليث وجزيرة جبل الليث، إضافة إلى مشاريع تطوير واجهة القنفذة البحرية من خلال تطوير مخطط عام للواجهة البحرية بطول 7 كيلومترات، إلى جانب تحديد مواقع للمنتجعات السياحية على طول الواجهة البحرية، حيث تم تحديد موقعين رئيسيين هما المرسى البحري ومنتجع شاطئ حنيش؛ لتكون في مجملها واجهة سياحية متكاملة في كلتا المحافظتين.
وتوقع المهندس خلاوي أن تشكل مشاريع الاستثمار السياحي في محافظتي الليث والقنفذة، حال الانتهاء منها، منظومة متكاملة تُقدّم أنماطاً وأنشطة سياحية متنوعة، تشمل المنتجعات والإيواء السياحي, والمشاريع الترفيهية ومشاريع الرياضات البحرية، إضافة إلى عدد من الأنشطة والبرامج الرياضية والثقافية.
ومن جانبه أكد أمين محافظة جدة الدكتور هاني أبو رأس، في كلمة له، أهمية تعميق أسس الشراكة والتعاون باستقطاب القطاع الخاص. مشيراً إلى أن الأمانة نفذت عدداً من ورش العمل مع الهيئة العامة للسياحة والآثار. وقال إنها انتهت من دراسة علمية قامت بها إحدى الشركات المتخصصة في المشاريع السياحية؛ ليتم طرح كراساتها للقطاع الخاص في محافظتي الليث والقنفذة.
وفي نهاية الحفل الخطابي شارك صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة، وصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار, وأمين محافظة جدة في الحوار الذي دار مع رجال الأعمال المشاركين في الحفل ورجال الإعلام.
وأكد سمو الأمير خالد الفيصل اكتمال معظم مشاريع البنى التحتية في هاتين المحافظتين، مبيناً سموه أن محافظة الليث سيُنفَّذ بها ميناء بحري، كما ستشهد تنفيذ مدينة صناعية مخصصة للمواد الغذائية، إضافة إلى إقامة مطار بمحافظة القنفذة وعدد من المشاريع الحيوية في هاتين المحافظتين.
ومن جانبه وصف صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز مشاريع الاستثمار السياحي بالليث والقنفذة التي دشنها سمو أمير منطقة مكة المكرمة بأنها مشاريع واعدة ومميزة، مؤكداً أن المرحلتين الأولى والثانية من المشروع سوف تسهمان في توفير نحو 50 ألف فرصة عمل.
وأكد الأمير سلطان أهمية العمل تحت مظلة واحدة والانطلاق في مثل هذه المشاريع السياحية المهمة، متأملاً في الانطلاق في مشاريع سياحية أخرى التي يعود تأخرها إلى ظروف كثيرة.
وقال الأمير سلطان إن الدولة والاقتصاد الوطني أحوج ما يكونان إلى الفرص الاستثمارية التي تحقق فرص عمل وليست التي تحقق فقط استثمارات رأسمالية، داعياً سموه إلى توطين فرص العمل في مناطقنا، موضحاً أن السياحة مختصة بأن تأتي بفرص العمل في المواقع، ولا تسحب الناس إلى مواقع صناعية ومواقع بعيدة عن أهلهم وعن مواقعهم التي يريدون أن يعيشوا فيها.
وأشاد سمو الأمير سلطان بالتعاون الكبير وغير المسبوق والشراكة التي تعمل بها الهيئة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية في العديد من المشاريع، سواء على مستوى الأسواق الشعبية التي انطلقت فيها الهيئة مع البلديات بنحو 22 مشروعاً، ومشروع وسط المدن. مستشهداً سموه بوسط الطائف التاريخي الذي وضع حجر أساسه صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة، وغيرها من المشاريع كمشروع العقير ومشاريع البحر الأحمر وفي منطقة المدينة المنورة وفي الرايس، وفي مناطق أخرى.
وأشار الأمير سلطان إلى أن الهيئة تعمل مع شركائها في جميع مناطق المملكة حسب ما يتوافر من ميزانيات، وقال: إن شاء الله السنة القادمة ستكون سنة المشاريع.
وأضاف الأمير سلطان: المشاريع التنموية فرصة استثمارية قابلة لأن تكون جاذبة للمستثمرين. مؤكداً أن محافظتي الليث والقنفذة تحتاجان إلى فرص استثمارية، وأن هناك مشاريع ومواقع مُنحت للمستثمرين لا نعرف ما هي فرص العمل التي أنتجتها هذه المواقع. وتوقع سموه أن تستهدف هذه المشاريع، التي سوف تنافس على مستوى جودة الخدمات، شرائح متعددة من المواطنين في منطقة مكة المكرمة ومحافظات المنطقة، خاصة أنها سوق مستهدف لممارسة النشاطات البحرية. متأملاً أن تكون هذه المواقع جاذبة لشرائح معينة تستحق ممارسة الحياة البحرية.
وحول مستقبل المشاريع السياحية وتعاطي المواطنين ورجال الأعمال معها قال سموه: إن الهيئة تنظر إلى جميع المواقع والمحافظات والمدن بطريقة واحدة، من ناحية أنها كلها تحتاج إلى فرص العمل التي تجذبها المشاريع السياحية، وكلها فيها مواقع مميزة تحتاج إلى تطوير وإلى زيارتها والاستمتاع بها. مشيراً إلى أن الهيئة تعمل مع شركائها لإعداد ملف كامل لوسائل التحفيز. ونفى الأمير سلطان تركيز الهيئة على مناطق دون غيرها، وقال: هذا غير صحيح؛ فهيئة السياحة تعمل أولاً في المناطق الجبلية، ونحن مع الأمير منصور اليوم نعمل في الطائف على تطوير وسط الطائف الذي تقدر قيمته بـ120 مليوناً، وقدمت الهيئة المشروع وتبنته البلديات ومشروع سوق عكاظ، واستلمنا أرضاً في سوق عكاظ في الطائف من البلدية، ومشروع الوجهة السياحية في جبال الطائف بدأت مناقصة الدراسات الاستشارية له، وإن شاء الله قريباً ستتم ترسيته، وهذا المشروع انطلق وميزانيته مرصودة في البلديات والدراسات العامة للوجهة السياحية في جبال الطائف، ومع البلديات نعمل في مواقع القرى التراثية والأسواق الشعبية ومواقع ساحلية ومواقع داخلية في المدن الكبرى وفي كل مكان، ومشاريعنا منتشرة في كل مكان.
وأوضح سموه خلال المؤتمر الصحفي في تعليقه على مداخل الأسعار السياحية بقوله: يقول الجميع إننا نعيش في اقتصاد حر، ولكننا لا نتصرف على هذا النحو، الاقتصاد دائماً في المملكة يفترض أن يكون كذلك بوصفه اقتصاداً حُرًّا، ولكن الدولة اليوم تتدخل في الدعم وتحديد الأسعار، ونحن في الهيئة بالنسبة إلى الفنادق وبرامج الإيواء السياحي أخذنا قرابة سنة لدراسة موضوع الأسعار، واضطررنا إلى أن نقوم بتسعير منشآت الإيواء السياحية بسبب نظام السياحة العالمي الذي نأمل صدوره، وهو ما زال تحت الدراسة للخرج من مجلس الشورى، وقد ظل خمس سنوات تحت الدراسة.
وبيّن سموه أن ذلك سيسمح للهيئة بأن تأخذ سياسة قابلة للتحرر أمام التسعير.
وعن الميزانية الجديدة علّق سموه قائلاً: الميزانية أعتقد أنها لا تعكس الدعم الذي يجب لقطاع السياحة، وأنا أقول إنه بدون إنشاء صندوق للتنمية السياحية لن تكون السياحة الوطنية كما يجب، ولن تتغير الأسعار كما نريد؛ لأن صندوق التنمية السياحية هو الأداة لتقدم الاستثمار السياحي للمواقع التي لا يأتي إليها المستثمرون أو السياح، والسياح لن يأتوا إلى مواقع لا يوجد فيها خدمات سياحية وإيواء، وفي المقابل المستثمرون لن يأتوا إلى مواقع لا يوجد فيها تدفقات سياحية.
وأضاف سموه أن الدولة قد عملت على سد الفجوة في مجال الاستثمار السياحي؛ حيث وفّرت التمويل والإمداد للمستثمر لكي يتحرك ويخلق الحركة السياحية. واستطرد سموه حديثه بقوله: «الهيئة الآن تدرس مشروع صندوق الاستثمار السياحي. هذا الصندوق يحتاج مع المشاريع السابقة إلى أن تكون على أرض الواقع؛ حتى يظهر قطاع السياحة وتختلف الأسعار التي هي هاجس الهيئة».
وعن الحلول المتعلقة بالأسعار السياحية قال سموه: «الحلول معروفة وموجودة، وننتظر إقرار مجلس الوزراء الموقر قريباً إن شاء الله».
وبشأن أبرز المعوقات السياحية التي تقف أمام مشاريع الاستثمار السياحي بيّن سموه أن أبرز المعوقات يتمثل في قصر مدة تأجير الأراضي للمستثمرين، معتبراً أنها قضية خطيرة جداً، وتُسبّب إحجام المستثمرين. مشيراً إلى أن الاستثمار السياحي اليوم يحتاج إلى استقرار تنظيمي، ومتأملاً أن يتم حل هذا الموضوع العام الجاري، وأكد أن العمل جار من خلال اشتراك عدد من الإدارات والوزارات ذات العلاقة.
وشدّد سموه على ضرورة وجود عامل التحفيز من قِبل صندوق التنمية السياحية، مؤكداً أنه بدون صندوق تنمية سياحية وطنية على غرار صناديق الدولة القائمة سيظل نمو السياحة الوطنية بطيئاً، وسيظل تسرب المواطنين نحو السياحة الخارجية ضخماً بشكل يزعج المستثمرين.