وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تأسيس الجمعية السعودية للفنون التشكيلية وحل مجلس إدارتها، يدور جدل وراء الكواليس عن مجلس الإدارة القادم والمعايير الواجب توفرها للمتقدمين لعضويته ومدى قدرتهم على تحمل المسؤولية وكفاءتهم على حل المشاكل وخبرتهم في إدارة دفتها للخروج من مأزق البيروقراطية لتظهر الجمعية إلى حيز الوجود الفعلي.
ومن نافلة القول وبعد تشكيل مجلس الإدارة السابق كتبت مقالا نُشر بتاريخ 15 - 9 - 1428 هـ توقعت فشل المجلس لوجود نصف الأعضاء المنتخبين من غير الحاصلين على شهادات فنية ومنهم غير معروفين ومنهم صغار في السن لا يعرفون عن الساحة التشكيلية شيئا، ومن هنا جاء الخلل في التركيبة أدى إلى الانقسام وعدم الانسجام فيما بينهم وظهرت الخلافات وتبادل الاتهامات وخروجها إلى العلن.
ومن هنا أحسنت وكالة الوزارة صنعا في وضع ضوابط وشروط جديدة (وهذا من حقها كجهة مشرفة) للمرشح لعضوية مجلس الإدارة القادم أهمها التأهيل الدراسي الفني، لأن هذا الشرط مهم جدا حيث يضع المرشح في محك الإلمام الفني يعينه على الممارسة الفنية المتقنة ويتيح له تأمل واقع البيئة والمناخ والساحة التشكيلية المحلية عن قرب بشفافية مطلقة ويسعى للاهتمام بها بوجدان صادق وفكر وفلسفة جلية محايدة، ومن خلال عمقه العلمي وخبرته الواقعية يتلمس هموم التشكيل ويعيش معاناته ويسعى جادا إلى حل المعضلات والعقبات ضمن هذه المنظومة بوعي وإدراك وانتماء محاورا متحمسا للعمل الجماعي البناء دون غرور ومكابرة ويتعامل مع الجميع بصدق واحترام وتقدير.
والمنصب ليس وجاهة اجتماعية وفرصة لتحقيق المطامح والمطامع الشخصية وزيادة سطر في السيرة الذاتية بقدر ما هو حمل ثقيل بحجم هموم التشكيل المحلي يجب تحمله بإخلاص وبكل اقتدار وكفاءة علمية وخبرة إدارية والعمل على تنفيذ أهداف الجمعية وتفعيلها والسعي الحثيث على إرساء قواعد ثابتة للتشكيل السعودي دون تأثر وتأثير وتقبل كل الآراء والانتقادات بدون أي زعل أو تشنج أو حساسية والتعامل معها ولو كانت سلبية بكل حكمة وعدم غلق المنافذ والأبواب بدون إبداء الأسباب.
وثمة اقتراحين أطرحهما (1) فتح مركزين رئيسين للجمعية في الرياض تتبعها الشرقية والشمالية، في جدة وتتبعها المدينة المنورة ومكة والجنوبية والطائف، لتسهيل العمل ومرونته وفاعليته نظرا لكبر مساحة المملكة وأتساع رقعتها شأنها شأن بقية القطاعات الحكومية والرسمية التي تتبعها فروع لها في كل مناطق المملكة الرئيسية ويمكن استعارة مقار جمعية الثقافة والفنون مؤقتا لحين إيجاد مقر مستقل لكل مركز (2) إعادة النظر في الكثير من مواد اللائحة الأساسية للجمعية (3) إلغاء مكافآت أعضاء مجلس الإدارة.
ويجب أن يفهم الفنانون أن الجمعية لا تملك العصا السحرية لتغيير الوضع بين ليلة وضحاها وتقديم ما يرضي الجميع من رغبات وطموحات وتوفير الأنشطة والمسابقات وتخلق لهم التميز والوصول إلى ألعالمية، ولن تستطيع القيام بمهماتها دون تعاونهم وتضامنهم ومؤازرتهم والتضحية من أجلها في سبيل تحقيق توجه وزارة الثقافة والإعلام إلى إيجاد جمعيات تشمل الوطن بكامله وتمثل مختلف الفنون والآداب وتكون جزءا من مؤسسات المجتمع المدني الذي تتجه الدولة إلى تأسيسها للتعبير عن هموم المواطنين وترعى شؤونهم ضمن أنظمة الدولة المرعية.
فالفنان الجاد الأصيل لا يحتاج إلى دعم أو رعاية أو جهة يعتمد عليها في تحقيق طموحاته فالعمل الجاد الدؤوب من أجل الفن هو الذي يوصل الفنان إلى طموحاته، فالفنانون العالميون صناع الحضارات لم يعتمدوا قط على الجمعيات أو النقابات أو المؤسسات في مسيرتهم الفنية والتي بها أصبحوا روادا لتاريخ فنونهم ورموزا لحضارة أمتهم.