الحجة الجاهزة التي يتذرع بها الممانعون لتطوير مشروع إشراك المرأة في الشأن العام هي أن هناك من قضايا المرأة ما هو أهم فأحوال المطلقات والأرامل مثلاً أولى بالعناية من القضايا المترفة الأخرى، الحقيقة أن هذا الخطاب بتذرعه الديني من تكافل ونصرة للضعفاء على حساب الأقوياء يدين نفسه بنفسه، ويؤكد حاجة وضع المرأة لمزيد من الخطوات الإصلاحية المتتابعة، المرأة الضعيفة هي الأشد حاجة لتيسير سبل حياتها الذي لن يتحقق إلا بالاعتراف بأهليتها الكاملة كمواطن مستقل له حقوقه وعليه واجباته، هذا الاعتراف سيحيل القضايا العالقة إلى طي النسيان إذ ستسن القوانين المستمدة من التشريع الإلهي لضمان سير حياة المرأة بانسيابية دون أن تكون بحاجة دائمة لعصا تتوكأ عليها في معاشها وهي شابة طامحة تمتلك قدرة مهرة جامحة في قفز الحواجز!
التغيير لا يقوم على المبادرات الفردية، بل إن المبادرات الانفرادية تبدو مثل الفقاعة الإعلامية التي قد تحقق بريقاً مؤقتاً لكنها قد تعيدنا إلى المربع الأول متقهقرين عمّا حققناه من تقدم.
استعداد الأفراد للتغيير مهم وهو يتنوع بين استعداد فطري وآخر مكتسب بالوعي والثقافة، والتغيير المقبول الذي تتزايد أعداد المتحمسين له تتوفر فيه عدة اشتراطات أهمها نشوؤه من الداخل ومواءمته للمرحلة واحتياجاتها ومساهمته في التحول السلس والمنتطم في سياق العمل المؤسسي المحكوم بمرجعية ترضى عنها الأغلبية.
هو التغيير الذي يراوح فيه القرار السياسي بين الاستجابة لمطلب اجتماعي أو لإحداث فرق بائن في تنمية المجتمع وخلخلة جموده الذي يجعل من المجتمع محشورا في عنق زجاجة لا هو داخلها ولا هو خارجها ويعد برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي مثالاً حياً على هذا التغيير إذ شمل الإناث والذكور واستهدف تنميتهم. وقد واجه البرنامج أو المشروع الإصلاحي بشقه الموجه للإناث ممانعة ورفضاً متذرعاً بالدين حيث صدرت فتاوى تحرم دراسة الفتيات في الخارج، وهو ما يدخل ضمن ارتداء طاقية الدين لرفض تحديث المرأة وتطويرها وتأهيلها. الذي يلزم فعله أن يشتغل الإصلاحيون على تفكيك قضايا المرأة وعزل ما هو اجتماعي عمّا هو ديني ومراعاة الاختلافات المذهبية والطائفية والفقهية في التعاطي مع شأن المرأة.