قبل أيام كنت أقضي أياماً ماتعة في منطقة الباحة، حيث الجو العليل والمتنزهات الجميلة والقرى المتناثرة بين الجبال العالية، كما أنني اخترت سكني في محافظة بلجرشي الجميلة التي تعتبر أكبر المحافظات الست، وهي المحافظة الأولى من المحافظات التابعة لمنطقة الباحة، لما فيها من المشروعات الحضارية. ونشأت فيما يُروى في عهود قديمة قبل الإسلام وفوق تلّة تقع حالياً وسط المحافظة، ثم تشكّلت تلك المحافظة وبدأ فيها النمو العمراني نتيجة للهجرة المتواصلة من القرى والهجر القريبة منها وزيادة عدد السكان فيها وتحسّن أحوال المعيشة لهم، ثم اشتهرت بلجرشي بالتجارة المتنوّعة.
وتطل الأطراف الغربية للمحافظة على تهامة، وتربطها بها طرق صعبة مثل: عقبة حميدة وعقبة مدرجة وعقبة مرصوفة، وتستعمل تلك العقبات لنقل البضائع على ظهور الحيوانات الصاعدة والنازلة بين تهامة والسراة.
وكانت تلك المحافظة هي القاعدة الإدارية لبلاد غامد وزهران من عام: 1370هـ - حتى عام: 1383هـ - حيث تم نقل الجهاز الحكومي منها إلى الباحة.
وفي محافظة بلجرشي مجموعة من المتنزهات مثل: أم غيث، والقمع، والشكران، والهيجاء، ومنتزه الأمير متعب بن عبد العزيز. وفيها مجموعة من السدود المشهورة مثل: سد القمع وسد بني هلال وسد الجنابين.
في تلك المحافظة الجميلة استهوتني لوحة على الطريق تشير إلى مقر متحف الشيخ محمد بن مصبح، تشرفت بعد ظهر يوم السبت: 18-8-1431هـ - بزيارة غير منظّمة وعلى غير موعد مسبق لهذا المتحف الذي يأخذ موقعاً جميلاً ومتميزاً بين الجبال في محافظة بلجرشي. وعندما وصلت لمقر المتحف استقبلني صاحبه الشيخ محمد بن مصبح استقبالاً حاراً وترحيباً ينم عن روح صافية وكرم أصيل وحب لكل من يقدم إليه. استقبلني وطلبت منه أن آخذ جولة في المتحف فرحّب بي.
بجوار بوابة المتحف تقف بشموخ سيارة (جيب) قديمة سوداء اللون، يبدو أنّ صاحب المتحف يعتز بوجودها عنده لقدمها. وفوق مدخل المتحف على الجانبين مجموعة من اللوحات الملونة، تحتوي على صور تحكي كل ما في المتحف من تراث وعناوين تلك الصور ما يلي (أدوات الحرث - أدوات الري - المكاييل والموازين - صناعة الأصواف - أدوات الطبخ - أدوات القهوة - أنواع الحبوب - الحيوانات - غرف نوم النساء - ملابس نسائية - عملات سعودية قديمة - الأواني الخشبية - الأسلحة النارية - روادي قديمة - فخاريات ونحاس - حلي النساء).
وعندما دخلت إلى المتحف قرأت اللوحة التذكارية التي تواجه الزائر وكتب فيها (بسم الله الرحمن الرحيم .. بعون الله وتحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة الباحة تم افتتاح معرض التراث والحرف اليدوية الشعبية للشيخ محمد بن محمد بن مصبح في محافظة بلجرشي في: 19-1-1425هـ الموافق: 10-3-2004م).
ثم أخذت جولة داخل المعرض الذي يحتوي على مجموعة من القاعات لعرض تلك المقتنيات وكل منا يقوم بتصوير ما يحلو له .. وشاهدنا فيها من المعروضات ما يلي:
الدلال الصفراء - الأباريق المعدنية والغرش - أنواع البنادق - أنواع المسدسات والرشاشات - أنواع الخناجر والجنبيات والسكاكين - الأواني الخشبية - الأواني الفخارية - أنواع السيوف - أنواع الحبوب التي تستخدم للعلاج - أنواع الزهور الأواني المعدنية - أنواع الأدوات الخشبية - المهراس - أنواع المنافيخ - أنواع المحّالات التي تستخدم لجلب الماء من البئر - الأرشية والحبال - المحافر من الخوص - المطارق والكزم والمساحي - أنواع القرب والغروب - أنواع المناشير لقطع الخشب وجذوع الأشجار - أشكال خلية النحل - السفرة والمطعمة - القطف - سفرة المقاضي - الأقداح الخشبية - أنواع المجارف - أواني السمن والعسل - الفواريع والفئوس - مزاود التمر - السقا والصفرة من الجلد - أنواع المُشُط - أدوات الغزل - أقداح السمن والطعام - أنواع السلال والأقفال - أدوات صناعة الذهب والفضة والمجوهرات - أنواع الملبوسات من الحلي والمجوهرات والذهب والفضة - أنواع السبح - الأقداح والقدور الكبيرة من النحاس - أنواع الأحجار الكريمة - الموازين والمكاييل - أنواع المفاتيح من الحديد والخشب - الضبّة والسكّرة للباب - ومعاليق القربة والسقا - مصاريع الأبواب الخشبية - أدوات الحلاقة والحجامة - أدوات خلع الأسنان - صندوق الجديد - أنواع الصحاف والميقعة الخشبية - أنواع الأرحية لطحن الحبوب - أنواع العطور والمكحلة - مستلزمات العروس من الحلي والحناء والعطور - أنواع الأقمشة النسائية - ملابس الرجال من المشالح والغتر والعقل - أدوات دياسة القمح المصنوعة من خشب أشجار العرعر - ثم مجلس الرجال الذي يتم فيه تناول القهوة والشاي في كل المناسبات - والكمر الذي يحتوي على المعاميل والوجار الذي تشب فيه النار - وأدوات الطبخ القديمة مثل: الكولة والدافور والمقلاة وطاحونة الحب اليدوية وكرسي النار - سطول المعدن للعسل والسمن - السرج والأتاريك القديمة - القرع المجفف (الدباء) لحفظ الطعام - ماكينة الخياطة - أنواع السحارات - منفاخ النار - المكاييل والموازين - الأجراس - أمواس الحلاقة المستعملة قديماً - وأدوات الكيل كالصاع والنصيف والربيع والمد وغيرها - أنواع الروادي - ومشغلات الاسطوانات والأشرطة - وأنواع آلات التصوير - أنواع الهواتف القديمة - ملاعق الحديد القديمة الكبيرة - ملقاط النار.
كذلك شاهدنا في المتحف: غرفة العروس وحليها وملابسها المنوعة من الثياب والسراويل والسداري - فراش العروس المزيّن بالشرشف والحاف والمخدّة المزخرفة - اللوحات المعدنية المذهبة التي كتب فيها آيات قرآنية وبعض الصور - المصنوعات الخوصية - الخشبيات المنقوشة والمزخرفة - مجموعة من الصور المعلقة على حيطان المتحف التي تحكي حياة الأجداد في الحرث والزراعة واستخراج الماء - نموذج لبيت الشعر وحياة البادية في الصحراء - المنقل وما حوله من معاميل القهوة من الدلال والنجر والمحماسة والمبخرة وأدوات الشاي - أنواع الحيوانات في حديثة المنزل مثل: الجمل والبقر والغنم والضأن والقط والبط وغيرها - نماذج الحصن التي تبنى مع السور لمراقبة العدو.
كما يحتوي المتحف على جناح خاص للصور القديمة الزعماء والملوك وصور الملك عبد العزيز وأبنائه من الأمراء - وصور شهداء الواجب الذين توفوا وهم يدافعون عن حياض الوطن وعددهم (173) شهيداً.
هذا قليل من كثير مما يحويه المتحف من المعروضات القديمة والأثرية.
وقد عمل صاحب المتحف مصلى للرجال ومصلى آخر النساء ودورات مياه.
وبعد نهاية الزيارة والجولة في المتحف كتبت كلمة في سجل الزيارات قدمت فيها الشكر والتقدير لصاحب المتحف على جهوده، وأثنيت على ما في المتحف من مقتنيات ومعروضات، كذلك سجلت كلمة لوسائل الإعلام المختلفة من أجل إبراز دور الشيخ محمد بن مصبح في حفظ التراث القديم وجهوده في ذلك.
الرس -