الإنسان هذا الكائن البسيط.. ينتابه الشعور أحياناً أنه يعيش في برج عاجي.. ويُعادي الآخرين.. وتأخذه الكبرياء، أما الإنسان البسيط الذي يمشي فوق الرصيف، ويحلم وعيناه مفتوحتان، ويحس بمتاعب الأشقياء والمتعبين في خضم الحياة، ويحس بآلامهم ويبكي مع المكدودين، ويستمع إلى أنينهم.. فهذا إنسان متواضع وبعيد عن الكبرياء التي نهى الله عنها: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}.. صدق الله العظيم.. إن فاقد التواضع.. عديم الإحساس بعيد المشاعر.. لا يستحضر موطئ قدم قد وطأه قبله آلاف الأقدام.
يجب على هذا الكائن أن يتصور مستقبله المشرق.. وأن أحلامه أكبر من الكوابيس، وأن متاعبه أكبر من عود ثقاب ينطفئ في الهواء الطلق.
ينبغي أن يتصور أن مستقبله المشرق أعظم من أيامه المعتمة، وما دام يرى عيوبه.. فهذا دليل على أن عينيه سليمتان.. ولم يصب بالعمى، فإذا ما ساورته الشكوك يوماً بأنه يحس بالضيق.. فهذا دليل على أنه فقدَ الإحساس، أما إذا استمع للشكوى فهو بخير، ويتقدم بخطى ثابتة، عندئذٍ يشعر أنه سائر إلى الأمام ويتصور أنه إنسان سوي ينبذ العداء بينه وبين الآخرين.. ويراجع نفسه بين الحين والآخر.. وأنه ينتمي للشريحة التي تنبذ العداء والكبرياء.. وإذا ما ارتكب ظلماً بحق غيره.. فعليه أن يلوم نفسه ويعمل بالحديث النبوي: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله).
وعليه أن يدرك أن محبة الناس هي انكسار القلب للرب جل وعلا.. وغلبة الخوف في قلب المؤمن.. والرجاء واليقين بما سيكون: ?وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ?.
التفاتة:
من السهل أن تضحي لأجل صديق.. ولكن من الصعب أن تجد الصديق الذي يستحق التضحية.
(حكمة من كتاب)