في عدد الجزيرة (13934) كتبت الأخت فاطمة العتيبي في زاويتها (نهارات أخرى) ما جاء تحت عنوان (ليس صحيحاً أن نار الزوج خير من جنة الأهل). وقد فاجأتنا الكاتبة في البداية بقولها إنها لم تهمل الكتابة يوماً (عن استثارة النساء في وقتهن وإنسانيتهن لينتصفن الحياة مع الرجال) ويقرّرن ماذا يردن وماذا لا يردن. وأقول: فرّج الله أساريرك يا أخت فاطمة، فلقد والله أضحكتني وأثرتي فيّ علامات الاستغراب، فأنا أحسبك وحتى الآن مصلحة اجتماعية تكتب لتعرض وتعالج قضايا المجتمع أمام المسؤولين وأصحاب الشأن كعرف ينطلق منه أي كاتب، وأربأ بك أن تكوني محرِّضة للمرأة على زوجها كما تشيرين في عباراتك السابقة - فهل يا أختي وكثير منهم العزيزة تجهلين استبداد بعض النساء بالرجال حتى أصبحوا هم التابعين لنسائهم - (توديه الزوجة وتجيبه حسب رغبتها) - فتحاولي أنتِ أن تسكبي البنزين على النار، وأيضاً هل رأيتي في هؤلاء النساء سذاجة تتطلب أن تُملي على إحداهن ماذا تفعل مع زوجها وماذا تريد منه وهل يلزم منا - وطالما أن كثيرا من النساء يعشن السعادة مع أزواجهن في كنف أسرهن - أن نحرضهن بالتمرد على ناموس الحياة الزوجية ومناكفة الرجل في كل صغيرة وكبيرة ليهدمن حياتهن بالخلافات اليومية وتنغيص عيشتهن وعيشة أزواجهن ومن ثم الارتماء في جحيم الطلاق وتشرد الأسرة وهذا على الأقل الذي فهمته - من وجهة نظري - تفسيراً لمؤدى عباراتك التي اسمحي لي أن أقول كلها تحريض في تحريض، هذا إذا افترضنا أن النساء سوف ينسقن لاستثارتك هذه. ثم تقولين (لا يلزم أن تنشغل النساء بإصلاح حال بعض الرجال، إن من الأصلح والأجدى والأنفع أن ننشغل بإصلاح حال النساء وكيف يبدين قوة وكرامة وإحساساً بأنهن يملكن القدرة على تغيير أوضاعهن، وذلك أيسر من بذل المجهود الذي كثيراً ما يذهب سدى في تغيير تفكير الرجال) وأقول يا سيدتي أنتِ - لا شك - تعلمين بداهة أن العناد لا يأتي إلا بالعناد فإذا أردنا أن نغفل حقيقة العلاقة التكاملية بين الرجل والمرأة ومبدأ القوامة التي فرضها الله - سبحانه وتعالى - وخصّ بها الزوج وليس الزوجة تعبأ للمقومات التي ميّز بها الله الرجل فإنه بإمكاننا أن نقول للمرأة دونك الرجل تقمصي أدواره وضعي نفسك نداً له، مارسي أدواره كزوج وضعي أيضاً رأسك برأسه، أم أن تقوم الحياة الزوجية على المهادنة واللطف واللين في إصلاح الزوج أو الزوجة فهنا تستقيم الحياة الزوجية وتعود لإطارها الطبيعي بعكس الاستثارة التي لا يأتي من وراءها سوى (خراب البيوت). والشاهد أن كثرة حالات الطلاق (والتي نشرتها وزارة العدل في إحصائيتها الأخيرة) لم تأتِ من عبث إذ إنه كلما تم تمرد المرأة على واقعها وفطرتها التي فطرها الله عليها أصبحت لا يلزمها زوج ولا أسرة ولا حتى استقرار. وأرجو أن لا يفهم من كلامي هذا مطالبة المرأة بقبول الاضطهاد بل أن تُسيّر المرأة حياتها على الوجه الذي يضمن استقرار حياتها بلا منغصات ولنضع قسوة الرجل وعاطفة المرأة في مقاييسها الطبيعية فقوة وطبيعة عاطفة المرأة تستطيع أن تفتت قسوة الحجر فما بالك بقسوة الزوج، وهذا الأسلوب الذي تجيده المرأة الراشدة العاقلة التي تنظر للحياة نظرة طبيعية تستقي منها العبرة بأنها رحلة عابرة ينبغي أن يكون قوامها طاعة الله والعيش في هذه الحياة بلا منغصات ولا مشاكل امتثالاً للهدي النبوي في إعطاء الزوج حقوقه والخنوع له بما أمر الله به.
وإنني والله أخشى من يوم يأتي فتزداد معدلات الطلاق وتكون أسوأ مما هي الآن وتكثر العوانس والعزاب لأنه في الوضعية التي نحاول أن نكرسها الآن في عملية تمرّد الزوجة قد نبني مجتمعاً منفصلاً يعيش الحرية بجانبها السيئ غير الشرعي عندما نفقد أواصر الارتباط ونقوّض عُرى الحياة الزوجية بين الأزواج باسم حقوق المرأة وحرية المرأة والمساواة بين الرجل والمرأة. تقول فاطمة: (المرأة التي لا تستمر حياتها مع رجل إلا بمقابل مادي تدفعه كمستأجرة.. هي حالة شاذة وشوهاء...) أنا طبعاً أقر لك بذلك وأؤيدك ولكن هل تعتقدين أن امرأة في ظروفها الطبيعية ترضى بذلك طبعا لا، إذاً فهي حالة شاذة - كما تقولين - وغالباً تجدين من تفعل ذلك امرأة قد بلغت من العمر عتيا ولديها إمكانات مادية، ولعلك يا فاطمة اطلعتِ على موضوع عروس الملايين التي تطلب زوجا مقابل منزل وراتب شهري ليقبل الزواج منها وهذا ليس ذنب الرجل بل هو مبدأ عرض وطلب فمثل هؤلاء النساء كُثر وليس بالضرورة أن يكون ما تذكرين يمكن تعليقه على مشجب الرجل بأنه يحاول أن يُخنغ المرأة لإرادته في ضوء الحياة الراهنة ولا هو أيضاً سلاح يستعمله الرجل ضد تهديد قداسته الذكورية - كما تقولين - وكم نرى خنوع الرجل للمرأة في هذا الزمن بالذات وانقياده للمرأة بما يتجاوز الحدود الطبيعية. أما مطالبتك يا عزيزتي، النساء لتأسيس عمل تراكمي يعمل على تحسين وضع المرأة فهذا مشروع ولكن في إطار وحدود دور المرأة وطبيعتها والفطرة التي فطرها الله عليها بمقابل الرجل.
محمد بن سند الفهيدي -
alfohidy1@hotmail.com