ثقافة الزواج أو الحب داخل الإطار الزوجي تختلف لدينا وفي كثير من مجتمعاتنا العربية عن باقي شعوب العالم أجمع، فنظن دوماً أن مظاهر الحب يجب قمعها وعدم إظهارها ولا نقيم للحب داخل الحياة الزوجية وزناً بل نعتقد أنه وبمجرد دخول الزوجين قفص المؤسسة الزوجية يخرج الحب ولا يعود.
الغريب أن قلة هم من يدركون أن الزواج هو المقياس الحقيقي والمؤشر الواضح لمستقبل الإنسان رجلاً وامرأة وإذا ما استقامت الحياة استقام المستقبل وتحددت معالمه، والزواج هو معيار التوتر والاستقرار لدى الزوجين، فإذا توترت العلاقة الزوجية وخلت من مظاهر الحب كان التوتر في أعلى درجاته لدى كلا الطرفين ومتى ما استقرت وعلت وتيرة الحب والتبادل العاطفي كانت الحياة غاية في السعادة للزوج وللزوجة على حد سواء.
الحب هو مصدر السعادة الزوجية، به تتحول الحياة الزوجية إلى حياة هانئة سعيدة بكل مقاييس السعادة والبهجة ومنه يتغذى الزوجان، وبغيابه تتحول حياتهما إلى جحيم لا يطاق بل تتحول حياة جميع من حولهما من أطفال وأهالي وأصدقاء إلى ساحة من الأخذ والرد والقلق والاكتئاب وحالة من عدم الاستقرار فيسود الحزن ويطغى اليأس ويضيع الطموح ويتلاشى النجاح.
ثمة ثلاثة أمور في الزواج تضمن نجاحه بإذن الله وتوفر له معطيات التوفيق إذا أراد الله سبحانه وتعالى وتبعد عنه أسباب الفشل والانهيار، الأمر الأول وهو الحب المتبادل بين الزوجين الذي لا يملك بناؤه إلا الله سبحانه وتعالى ويمن به على من أراد منهما، ولا يستقيم زواج وينجح بدونه حتى وإن توافرت جميع معطيات الزواج الناجح والمتكافئ إلا أن التناغم الزوجي لن يكون موجوداً بسبب عدم تواجد الأرضية التي يهيئها الحب للزوجين، وهنا شرع الله سبحانه وتعالى فك هذا الرباط واستبدله بزواج آخر سواءً للمرأة أو للرجل، للزوج أو للزوجة وقد قال سبحانه وتعالى ?وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا?، وهي الآية التي حاججت بها امرأة أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه عمر بن الخطاب لتردعه عن تحديد المهر حينما أراد أن يسهل على المسلمين الزواج من خلال تحديد المهور وتخفيضها.
والأمر الثاني توجبه رغبة الزوج والزوجة معاً من خلال حرص الزوجة على هيئتها ورشاقتها فلا تفرط في أكلها ولا تهمل هيئتها وشكلها فمن أشد ما يحتاجه الرجل النظر إلى امرأته رشيقة جميلة بهندامها وأناقتها فاتنة برائحتها مهتمة بنظافتها الشخصية ونظافة منزلها حريصة على أن يرى منها الرجل ما يسره ولا يرى منها ما يبغضه وينفره منها. وما ينطبق على المرأة ينطبق أيضاً على الرجل فيجب أيضاً أن يهتم بمظهره ويهتم بنظافته الشخصية ويحرص أن تراه زوجته وترى فيه ما يسرها ولا يترك هيئته دون تزيين فيصبح شكله قبيحاً وكرشه كبيرة ورائحته قبيحة.
الأمر الثالث أن يهتم الزوجان بمخاطبة بعض بما يرغبان من لين الجانب وحسن الكلام وهدوء نبرة ووتيرة الصوت والنقاش، فلا الزوج ينهر زوجته إن هي أخطأت ولا الزوجة تسفه الرجل وتذنبه إن هو قصر في جانب، وأن لا يكون سريع الاستفزاز كثير الغضب، ولا تكون هي كثيرة الطلبات ملحة في تحقيقها بل يجب أن تكون المسامحة مقدمة على المعاقبة وحسن الظن مقدم على سوئه، واليقين مقدم على الشك.
يجب أن يكون الزواج بنية صادقة وبالتوكل على الله والاستعانة به لإنجاحه وإنجاح العلاقة التي تحكم الزوجين، يجب أن يكون بينهما لغة حوار واضحة وصريحة، يجب أن يتذكر كل شريك المحاسن والصفات الجيدة في الشريك الآخر والتعبير عنها، يجب مصارحة كل زوج بشعوره للطرف الآخر، يجب أن تسود بينهما الفكاهة والدعابة، يجب مفاجأة كل طرف للآخر من وقت لآخر بهدية رمزية تعبيرية عن ما يكنه من شعور أو تعبير عن حب، يجب أن يتحليان بالقدرة على المصارحة والاعتراف بالخطأ والإقبال على الاعتذار، يجب أن يتخذ كل طرف الطرف الآخر كصديق ودود ودائم يسر له بأسراره ويستمع لنصائحه.
الحب شجرة تحتاج كأي نبتة لسقيا، وسقيا الحب هو الاحترام والثقة والتجديد والمصارحة والتعبير عن المشاعر، نسقي النبتة لتحيا ونسقي الحب لنسعد بحياة زوجية يملؤها الود والحنان والنجاح.