ليس المهم أن تزوج الشباب ولكن المهم أن توفر لهم بيئة من شأنها أن تزوجهم وتحفظ حياتهم الزوجية بعد ذلك، وما تفعله الجمعيات الخيرية والمبادرات الشخصية من مساعدة الشباب على الزواج من خلال الطرق التقليدية هو توفير الزواج وليس توفير بيئة صالحة للزواج.

(لا تساعد إنساناً يحتاج إليك دائماً) هذه حكمة لا أدري أين قرأتها، وأظن أنها من أحد التقاويم الشهرية، ولكني أذكر أني قابلتها بشيء من الهزء أول الوقت، ثم سرعان ما وجدت نفسي مقتنعاً بها، وتعني هذه الحكمة أن الإنسان العاجز الذي يحتاج إلى مساعدتك دائماً لا فائدة من مساعدته، لأنه سيتعثر مرة أخرى وثالثة ورابعة وسيظل محتاجاً إليك دائماً، فمساعدتك له خسارة ومن الأجدى تعليمه كيف يستغني عنك، وهي قريبة من الحكمة التي تقول: (لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف اصطاد السمك).

لنطبق هذه الحكمة على الشباب الذين تساعدهم الجمعيات، فمعظم هؤلاء الشباب من ذوي الدخول المتدنية والمتوسطة، والذين سرعان ما يفقدون توازنهم المالي بعد الزواج مما يجعلهم في حرج شديد ربما أدى بكثير منهم في نهاية المطاف إلى الفقر والعوز ثم تجدهم يمدون أيديهم إلى المساعدة الإنسانية من جديد.

إذن كان يجب مساعدة هؤلاء الشباب على تحسين دخلهم وتقوية مركزهم المالي ليواجهوا أعباء الحياة وتكاليفها من حيث تبني الجمعيات لمشاريع خاصة بها توفر للشباب وظائف جزئية أو كاملة يكون دخلهم فيها جيداً، بحيث يمكن أن يتزوج الشباب ويفتح بيتاً دون عناء ولا يحتاج إلى المساعدات من جديد، مع ما توفره هذه المشاريع من استقلال مالي للجمعية.

من الأفضل للجمعيات أن تغير طريقتها في المساعدات من تقديم المساعدة المالية مباشرة إلى تقديمها من خلال وظيفة مسائية أو وظيفة بدخل جيد، ولتدخل الجمعيات بذلك سوق العمل وتستفيد من طاقات الشباب أيضاً.

أرجو ألا يساء فهمي، ولكن في ظل هذه المتغيرات الاقتصادية والغلاء الباهظ في مصاريف الحياة يجب أن تتغير طرق مساعداتنا الخيرية بما يواكبها ويحقق الهدف المنشود من تقديم يد العون بدلاً من إغراق المحتاجين أكثر وأكثر، ومن حيث لا نقصد.