مهما تخيل الواحد منا شكل مزارع الخضراوات التي تستمد مياهها من الصرف الصحي، فإنه لن يستطيع الوصول للمشهد الواقعي، إلا إذا كان قد ذهب بنفسه إلى هذه المزارع ورآها بأم وخالة وجدة جدان عينه. أو أن يقوم أحد بتصوير مزرعة من هذه المزارع ويعرضها عليه.
الزميل النشط، عبد الرحمن الحسين، أراحنا من هذه المهمة، وعرض علينا في برنامجه الناجح « نوافذ» بقناة الإخبارية، تقريراً مفصلاً عن هذه الظاهرة الأكثر خطورة على صحتنا. في هذا التقرير، الذي أتمنى أن يشاهده بدقة واهتمام، وزير الزراعة ووزير التجارة ووزير الكهرباء والماء وأمين كل منطقة، نرى كيف تنمو المنتجات الزراعية، من الطماطم والخيار والكوسة وحتى الملوخية والخس والجرجير، وسط مياه الصرف الصحي الملوثة والموبوءة.
الدكتور محمد الكنهل، الرئيس التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء، قال في حديث للوطن، إن هناك مشروعاً لمركز وطني لرصد الملوثات بالغذاء. ربما يكون حديثه متعلقاً بالملوثات التي تدخل من الخارج، أكثر من المنتجة بالداخل، إلا أنني أظن أن مثل هذا المشروع قد يفيد في الداخل، ليس لرصد المنتجات المزروعة من مياه الصرف الصحي فقط، بل لكل المنتجات الزراعية التي أصبح البعض يقلق بشأنها، وبشأن كمية المواد الهرمونية فيها، التي تزيد من حجمها ورونقها على حساب صحة مستهلكها.
إن هذه القضية هي من أكثر القضايا التي تشغل بال المواطن والمقيم، فليس بعد الأكل والشرب شيء. فالكل يأكل ويشرب يومياً، والكل يريد أن يطمئن: هل ما يأكله أو ما يشربه صحي أم معفن؟!