التحزبات أو التكتلات والحزبيات فهي وإن لم تكن ظاهرة للعيان في بلدنا ولكن أثرها موجود محسوس ملموس وهو بلا شك يعوق نهضة هذه البلاد المباركة يعوقها في جميع مناحي الحياة وعلى رأسها الدين والعقيدة فمن شأنها التحزب الذي ينتج الإقصائية شئنا أم أبينا لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} (103) سورة آل عمران، والذين يحرصون على إقامة هذه النشاطات التي في بلادنا لها دواعي كثيرة منها:
1- حب الزعامة والرئاسة بل وربما المشاركة في السلطة.
2- الإثراء المادي والوجاهة.
والأحزاب تعرقل النهضة الحديثة في بلادنا لأنها في النهاية تتحكم في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتظهر المحسوبيات جلية والإقصائية جلية. ثم هي تبتعد بالناس عن كل من شأنه جمع كلمتها ولم شتاتها حيث تظهر بأثواب ذات ألوان منها حب محاكاة الغرب باسم التسامح الديني ومنها التي تظهر الانغلاق التام والعزلة التامة ولا يتم كل ما ذكرت إلاَّ بإبعاد كل من ينادي بالرجوع إلى الينابيع الصافية وذلك بإسقاط الرموز بدعوى تحديث الدين بما يسمى الصحوة فيعاد النظر في كل ما كان عند الناس حراماً ومكروهاً وإعطاء صورة سيئة للعلماء المخلصين بأنهم شيوخ سلطة أو شيوخ حكومة وأنهم لا يعرفون إلا أحكام الحيض والنفاس وأنهم لا يعرفون فقه الواقع.
فيبدأ نشاطهم في غسل أدمغة الناشئة فإذا تكون الهرم بدأت النتائج تظهر وتبدأ بإطلاق عبارات وألقاب على قادتهم ثم تظهر الخطب والمحاضرات والتسجيلات والتي على اختلافها إلاَّ أنها تسعى إلى تشويه صورة العلماء المخلصين بعدها يحل هؤلاء محلهم ويكون الشباب قد دانوا بالولاء والطاعة ثم يبدأ جني الثمرات وهي الحصول على المناصب والتحكم في المحطات الفضائية والاستحواذ على كل نشاط خيري واجتماعي عندها لا تخلو وزارة أو إدارة من المنتسبين إليهم ويبدأ الترهيب والترغيب.
فتجمع الأموال إمَّا عن طريق الفضائيات أو عن طريق الجمعيات فيبدأ تفقدهم للمحتاجين الذين يمكن الاستفادة منهم للحاق بالركب فمن أبدى استعداده ألحقوه بهم بطرق شتى ظاهرة للعيان ثم مدوا أيديهم لمن لهم قيادات إدارية وإشعارهم بأنهم ضموهم إليهم فإذا أطعموهم من الكعكة بعدها أملوا عليهم إرادتهم بدعم الموظف فلان الذي على شاكلتهم وإقصاء الموظف فلان الذي ليس على مشربهم وهذا شيء ملموس محسوس مهما أخفوه ولكنهم مثل النعامة ((تخفي رأسها بينما جسمها كله ظاهر للعيان)) ويبرز نشاطهم جلياً في تحقيق مآربهم بإسقاط العلماء العاملين الناصحين الورعين الشرفاء بتشويه سمعتهم وفي المثل ((من أكل تمرهم أطاع أمرهم)).
وتمتد هذه الأحبولة فتحاول الوصول إلى جميع مراكز السياسة كبيرها وصغيرها ولو تأملنا حالهم لوجدناهم كما ذكرت هدفهم المادة والجاه والرئاسة والوصول إلى المناصب العليا والسياسة.
ثم إنَّ هؤلاء بالتتبع والتأمل لا تجدهم في الحقيقة يسعون إلى إصلاح فما سمعنا أنهم وقفوا مع الضعفاء ولا أنهم واسوا الفقراء ولا طالبوا بما يطالب به الكتاب والصحافيون الذين يمثلون المجتمع حق تمثيل بكتاباتهم النافعة.
فتظهر عندها الإقصائية جلية وذلك بعرقلة كل من يخالفهم سواء في وظيفة أو في دراسة في مدرسة أو جامعة فيتأخر الأكفاء والمخلصون بل وينحون ويمكَّن المتردية والنطيحة فهذا مرض خطير ما استشرى في مجتمع إلاَّ تخلَّف مهما حاول القادة الرقيَّ به والأخذ بيده لأنَّ الحزبية والإقصائية سيطرت فإذا استشرت انتقلت عدواها إلى المتعصبين للمدينة والقرية إذا كانت القيادة بيدهم وإلى القبائل والشعوب هذا بقوميته وهذا بشعوبيته.
وبما أنَّ الجوَّ مهيئٌ في كل ركن كذلك من صور الإقصائية أنه قد يزج بمن يحمل شهادة عليا ولكن في السلوك لا تسأل ولم ينشأ في بيت علّمه كلمة عيب فهو لا يعرفها فقد يُستغل بوقاً فيسعى لقطع طريق شخص استحق وظيفة أو منصباً وذلك بتلفيق الأكاذيب فيكون أشد من قطاع الطرق وقد تصل الإقصائية إلى بعض الصحف فينشر الغثاء ويحجب النافع ومع الأسف إنَّ هؤلاء الحزبيين والإقصائيين يحملون مؤهلات شرعية وفيهم أئمة وخطباء ودعاة نسأل الله السلامة وأنا لم أعين أحداً ولكن كما يقول أهل مصر ((الليِّ على راسه بطحاء يحسس)).
* الأحساء