لم يأتِ ما قاله الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن النساء من فراغ، ولم تكن كلماته الجميلة من أن النساء لا يأتي منهن إلا الخير مما اعتدنا على سماعه منه دون أن نفكر بما ترمز إليه هذه الكلمات، وإنما كان بما وجهه وخاطب به مواطنيه يعني ما يقول، ولعله أراد من خلالها توجيه رسالة بليغة لمن اعتاد أن ينقص من مكانتهن، ويحرمهن من حقوقهن، ويهمش دورهن في الحياة والمشاركة في بناء الدولة، كان عبدالله بن عبدالعزيز يحمل همهن بأكثر مما كان يحمله من همٍّ وألم بسبب العارض الصحي الذي ألم به، وهو إن نسي مرضه، فإنه لم ينسَ النساء ممن لم يرَ منهن إلا كل خير.
***
كان عبدالله بن عبدالعزيز معلماً وأستاذاً وصاحب موقف لا يزايد عليه، حين تحدث عن النساء، ووصفهن بأجمل وصف، وقال عنهن ما لا يقوله إلا الحكماء مثله، والغيورون عليهن كغيرته، ما لا نجد مثل هذا الكلام يصدر إلا ممن مسه الجزع لتهميش دور المرأة دون وجه حق كما كان ذلك واضحاً في موقف عبدالله بن عبدالعزيز.
***
ولم يقدم خادم الحرمين الشريفين في كلماته مفاجأة أو درساً لمن استمع إليه، فهو صاحب مواقف تنويرية سابقة ومتميزة تعتمد على تعاليم الإسلام، وتستمد جرأته وحماسه لها من حرصه على تأطير كل موقف حولها بإطار من السمو والأخلاق والقيم التي لا يتنازل عنها أو يتسامح فيها أو يقدم على ما يتناقض أو يتنافى مع أسسها، وهو موقف معروف ومشهود عن الملك عبدالله ولا مجال للاختلاف حوله.
***
مرة أخرى، فالملك عبدالله بن عبدالعزيز، عندما يصف النساء بأنهن أهل خير، فهو إنما أراد أن ينصفهن ويدافع عنهن، ويؤكد على حمايته لحقوقهن، ضمن السياق في حديثه عن صحته وعن تقديره لشعبه، وعن حرصه على شموخ وطنه، وأن دوراً فاعلاً ومؤثراً ينتظر المرأة مستقبلاً، بل إنه دور بدأ وسيستمر بشكل مبرمج ضمن قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا التي لا خلاف حولها ولا تعارض معها دينياً واجتماعياً.
***
والملك عبدالله إنما يسير في هذا على خطى والده العظيم، ويكتسب من تجربته وهو الزعيم الأكثر تميزاً ما يعينه ويساعده على الإفصاح عن مثل هذا الموقف، فيكرم المرأة في المناسبات، ويتحدث عنها بما يعزز من مكانتها كلما كانت هناك فرصة مناسبة لذلك، وقد أصبحت في عهده تحتل أفضل المواقع الوظيفية التي تساعدها على الإبداع والابتكار وخدمة الوطن كما يتمناه لها خادم الحرمين الشريفين.
***
«النساء ما سمعنا منهن إلا كل خير»، هكذا يقول الملك عبدالله موجهاً حديثه إلى الشعب، وقبل ذلك كان قد أمر بإنشاء أكبر مدينة جامعية نسائية في العالم هي جامعة الأميرة نورة، ودائماً في عهده الميمون يحضّر -حفظه الله- المرأة للمشاركة في كل مشاريع التنمية، يؤازرها ويقدرها، ويدفع بها إلى ميادين العمل، ويشجعها لكي تبلغ من التفوق والنجاح ما بلغه شقيقها الرجل.
***
تذكروا جيداً أن الملك عبدالعزيز كان ينتخي بأخته نورة تكريماً للمرأة واحتراماً لها، ويستشيرها ويصغي لآرائها، وهكذا كان -رحمه الله- يفعل مع كثير من النساء، وعلى ذات الطريق أخذ ابنه عبدالله بن عبدالعزيز عهداً على نفسه بأن ينصف المرأة، ويصون حقوقها، ويدفع عنها أي مظلمة تتعرض لها، تأسياً واقتداءً بوالده العظيم، فإذا به يستقبل النساء، ويحتفي بتفوقهن، ويتعامل معهن كبناته وأخواته، بعاطفته الأبوية من جهة، وبزعامته الوطنية من جهة أخرى.