هناك موقف عربي رسمي لم يتوقف عن إثبات جديته لصالح عملية السلام، وقدمت المبادرات المقنعة لعل أن يتحقق شيء لصالح الشعب الفلسطيني، وحتى لا يزيد الوضع سوءاً، ويستمر توظيفه من قبل أطراف لأجندتها السياسية، وتحقيق مكاسب شعبية وسياسية سهلة، لفكرة المقاومة والمواجهة، في منطقة ملتهبة ومربكة.
أمريكا راعية السلام في المنطقة والحاملة لملفه لعقود، ظل سلام الشرق الأوسط حاضراً في أجندتها، ودائماً على طاولة الرئيس، وهي مهتمة بالسلام كونها صاحبة علاقات ومصالح في المنطقة تبدأ من إسرائيل وتنتهي بين تقاطعات الدول العربية.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل مغادرته إندونيسيا ألقى خطاباً قال فيه: (عقبات كبيرة) ما زالت قائمة أمام التوصل إلى السلام في الشرق الأوسط، مؤكداً عزمه (القيام بكل ما يمكنه) من أجل التوصل إلى السلام.
ورغم أن جهود إدارته فشلت في تحقيق أي تقدم إلى الساعة، إلا أنه أكد أن حكومته ستستمر في بذل المساعي لتحقيق السلام لكن دون وعود.
هذا الكلام السياسي قد يكون متدولاً بأشكال مكررة، لكن ما يهم هو الواقع الحقيقي، كما يجب أن نراه لا كما نتمناه.
والواقع في إسرائيل ليس مع السلام، على الأقل بشكل واضح في هذه المرحلة، ومع هذه الحكومة.
وفي الجانب العربي، على الرغم من أن القرار السياسي العام مع السلام ومبادراته، إلا أن الوضع الشعبي ليس مسانداً أبداً لفكرة مثل هذه، وبنظرة للدول التي لديها علاقات دبلوماسية أو تجارية مع إسرائيل منذ عقود عدة، ما زال شارعها غير مهتم بهذا النوع من العلاقة، بل وبصورة أدق معادياً لها، وغير قابل لوجودها، وفقاً للخطاب الإعلامي والفكري والديني.
إن أي اتفاق سلام مع إسرائيل لن يكون مقبولاً شعبياً، لأن تجربة الدول التي وقعت معاهدات قديمة مع إسرائيل ولديها علاقات دبلوماسية، وتشاركها حدود جغرافية، غير مشجعة، ولم تنجح في تقديم مشروع حقيقي تثقيفياً لشعوبها حول قناعتها بالسلام وعوائده، وفشلت في تسويق برنامجها للرأي العام، ولو بدأت منذ عقود وتوجهت إلى جيل جديد حينها، لأصبح عندها جيل لديه قناعات متفاوتة على الأقل حول السلام، وإمكانية التعايش مع الواقع جديد.
فالقرار السياسي لم يكن وحده قادراً على تحقيق الأمنيات، ولن يتحقق السلام إلا بوعي به، يمر عبر أجيال، وهو ما يعني أن الدول العربية ذات العلاقة، لو تبنت برامج تثقيفية ودينية واجتماعية مبرمجة لتهيئة أرض سلام عربية، فهذا سيتطلب 40 سنة على الأقل حتى تتقلص نسبة الأغلبية الشعبية الممانعة له، أو تجد فكرة شعبية مقابلة لها.