لماذا يختلف الناس في ألوانهم وطباعهم؟ يجيبنا على هذا ما أخرج (الترمذي) في سننه (عن موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض -أي: من جميع أنواع تربة الأرض، وألوانها- فجاء بنو آدم على قدر الأرض -أي: على حسب التربة لونها، وخصائصها- جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن -أي: الشدة والغلظة - والخبيث والطيب)! كل رجال إسناد هذا الحديث ثقات، وقال (الألباني): صحيح.
وأقصد بأصله: هل الأصل في الإنسان الخير أو الشر؟: والذي يظهر من النصوص أن الأصل في أخلاق الإنسان الشر، والانحراف والآيات والأحاديث في هذا كثيرة: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً }النساء28، أي: أمام شهوة النساء، {إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ}، {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ }هود10، {وإِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }إبراهيم34، {وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً }الإسراء11، {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً }الكهف54، {وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً }الإسراء100, إلا من فطره الله على جبلة، وطبيعة وسجية حسنة طيبة، فهذا فضل الله - تعالى - مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم للأشج بن عبدالقيس: (إن فيك خلتين يحبهما الله الحلم والأناة). قال يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما قال: (بل الله جبلك عليهما). قال الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله). أخرجه أبو داود في سننه.
وفي الغالب لا يتخلص الإنسان من جبلته السيئة، وفطرته المنحرفة التي وصفها الله في القرآن إلا بالعلم، والإيمان، والعمل الصالح والدليل على هذا كثير سأختصره في دليلين:
1- قال تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} المعارج من (19 - 30)
2- قال تعالى: {وَالْعَصْرِ *إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر}. سورة: العصر.
3- أخرج (مسلم) في صحيحه: (عن صهيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
فما أجل الاعتماد على هذه النصوص المشرقة عندما نتحدث عن إصلاح الأجيال لنستمد منها طريق الإصلاح الحقيقي، وهو العلم الشرعي النافع، وتهيأت الناس للعمل الصالح، والبعد عن مواطن الفتن، والشهوات، و أن نغلب جانب الرفق مع الآخرين لما فطرهم الله عليه من النقص، والانحراف.