لبنان سيدة الجمال والرونق والخضرة والصفاء، لبنان حاضنة جعيتا وقلعة صيدا والشقيف، لبنان أيها الوطن الضارب في أعماق التاريخ، هل تلاشت أساطيرك، وتبعثرت مكانتها؟ هل اندثرت قلاعك، وهُدمت مغاراتها؟ أم أن الشوق حدا بمدنك وشواطئك إلى استقطاب عظيم يقربها، هل تقت يا لبنان إلى رجل يطاول أساطيرك فيغلبها؟ بقوة محتده، وعظيم توحيده، وطيبة قلبه، وسمو مطلبه.
أبي يا تاجاً بروعته أختال وأزهو، وبجمال منظره أتباهى وأسمو، وبدقة نقشه أنافس وأتحدى، أبي يا مجداً رفلت عمراً تحت ظله، وتلألأت دهراً تحت نبراسه، وفخرت أبداً بصنائع يده وعظائم حديثه وروائع منجزه، أبي يا أسطورة حلم بها الفقير فلبته، وتغنى بروعتها الشاعر فألهمته، وتسامر في صحبتها الصديق فأمتعته، وتفاخر بسموها الولد فدعَّمته والحفيد فأسعدته...
اعلم والدي الغالي أن كل ما كتبته -وإن صُح ووضح وعُرف- سيُغضب تواضعك، فسامحني يا من علمني التسامح، وسيُخجل حياءك فاغفر لي غفر الله لك وشافاك وعافاك، وزادك من عنده سموا وعظمة، وحماك من عين محب تاقت إلى فضلك روحه فغبطك، ومن عين كاره بلاه المولى بالنقص فحسدك، وأعادك إلينا رائعاً سعيداً مبتهجاً كما أنت دوماً... والدي.