في كل مرة ألقاه.. كانت الابتسامة على وجهه، عملت معه وزيراً فوجدته البشوش والهادئ وصاحب الخلق النبيل.. وعشت معه في العمل سنوات فرأيت فيه الوزير المخلص بالمؤهل.. والحريص على أداء مسؤولياته بكل الإخلاص والتفاني.
ومضى من وزارة الإعلام وزيراً.. وأشهد الله أنه كان نموذجاً فريداً في البر بوالده ووالدته - رحمهما الله - كان يمسك بيد والده وهو يأتي إلى مكتبه في وزارة الإعلام ويجلس أمامه وهو على مكتبه حفياً باراً به.. قلت له رحمه الله مرة: ألا يجهد والدك مجيئه كل يوم إلى مكتبك؟.. ومن خلال ابتسامة الرضا الحانية.. قال: سعادتي في أن يكون أمامي أستمد منه دعوات الرضا والقبول.
أما والدته.. فقد رأيته مرة في المستشفى التخصصي يدفع بعربة والدته إلى عيادة الطبيب.. وكان يحيط به عدد من العاملين في المستشفى لتحمل هذه المهمة.. ولكنه أصر على أن يقوم هو بنفسه بهذا الواجب الذي يمثل منتهى البر الوفي لوالدته رحمها الله.
أجل.. هكذا مضى معالي الدكتور محمد عبده يماني رضياً لوالديه وفياً لدينه ومليكه ووطنه.. حفياً بكل الذين عرفوه وعملوا معه.. أما الجانب الإنساني في شخصية الراحل فكانت قمة في عطائها ونبلها وفي ذاكرتي الكثير من المواقف التي جسدتها شهامة هذا الرجل النبيل تجاه عدد من المستحقين ذوي الحاجة ما أرجو الله أن يكون أجره في ميزان حسناته عند لقاء ربه.
الدكتور محمد عبده يماني.. كان مسؤولاً متواضعاً بخلقه وسماحته نقياً نقاء قلبه.. بسيطاً في تعامله.. يسعى إلى خدمة كل من يقصده.. يكتب شفاعاته لكل المحتاجين بخط يده وقلمه ذي الحبر الأخضر.. وفي اخضرار حبره.. صفاء نفس زكية.. وعشب عطاء من النبل الإنساني الوفير.
الدكتور محمد عبده يماني.. كان شامخاً في كل خطواته.. ما قصر في جهد.. وما تأخر في واجب.. وما توقف في عطاء.. كان في مسؤولياته الرسمية المخلص الأمين.. وصاحب الصوت الذي يصدح بالحق.. ولا يسكت عن تقصير دون رأي ينفع الله به.
وكان في إسهاماته لخدمة مجتمعه بعد أن ترجل عن كرسي المسؤولية الرجل البارز رأياً ومساندة ومشاركة عبر إسهاماته وفكره.. وبذله المادي والإنساني وعطائه الدائم لخدمة هذا الوطن وأبنائه.. وإثرائه الفكري من خلال مقالاته وبحوثه ومؤلفاته. وسيفتقده قراؤه كثيراً مثلما سيبكيه كل رياضي ووحداوي وكل إعلامي عرفه مثقفاً واعياً وفكراً منتجاً.
إنني أعزي نفسي بهذا الفقيد.. قبل أن أعزي أسرته ومحبيه.. وأسأل الله أن يجمعنا به عند رب غفور في جنات عدن أمين.. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.