يقول تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ}.. غادر دنيانا الشيخ سليمان بن صالح السلوم - رحمه الله - من الرجال الذين خدموا في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدوادمي بمنطقة الرياض، رجل ارتبطت به قلباً ووجداناً وتاريخاً. فقد كان رائداً للإصلاح وأباً عظيماً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر. صاحب رسالة إنسانية سامية يؤديها، حريصاً على الإصلاح بمفهومه العام أراد أن يكون مجتمعه حضارياً متكاملاً. كان مؤمناً بغرس القيم الإيجابية راصداً ومن معه (رجال ما زالت ذكراهم وأسماءهم ترن في أذهان الجميع في محافظة الدوادمي وهم فهد الرشيد، سعد الصقيران، محمد العبد الكريم، ناصر السيف) راصداً لكل الظواهر السلبية في مجتمعه، محاولاً وبشتى الطرق إيجاد الحلول المناسبة لها، كان مكتشفاً لآفات اجتماعية كثيرة ومتعددة، كان يشعر بالآخرين، يشاركهم همومهم، يتعاطف مع مآسيهم، يحنو عليهم ويساعدهم، ويمد لهم يد العون، يبذل كل مستطاع في سبيل خدمتهم. كان الشيخ سليمان حجر الأساس الذي قامت عليه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدوادمي، كان أباً للجميع طفلاً كان أو شاباً، رجلاً كان أو امرأة.
هذا الرجل الذي نهض بمجتمعه أكثر من أربعين عاماً، ودّعناه في ذلك اليوم ولا أقول فارقناه، لأنه باق في حياتنا تاركاً أبناءه البررة يواصلون مسيرته، وكرم أصله، ونبل خلقه، وجميع صفاته التي غمر الناس بها حياً وسوف تبقى لديهم من بعده، لأنه كان رمزاً من رموز المجتمع، والرموز لا تموت فقد تتغير الأحوال ويتغير الزمن، لكنه يبقى في ضمير كل محب له. صحيح أن لحظات الوداع لا تنسى ولوعتها لا تبلى، وحرقة الوداع تلهب الأحشاء، ودموعه تحرق الوجنات بحرارة العبرات ومصابنا في هذا العظيم جلل، لكنه الرضا بقضاء الله، والإيمان بقدره ونحن لا نملك إلا أن تلهج ألسنتا بالدعاء، وأن نتضرع للرحمن أن يجمعنا به في أعالي الفردوس في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
أن كان في القلب اسلام وإيمان
اللهم ارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يارب العالمين.
الداعي لك بالمغفرة والرحمة: - محمد بن عبدالرحمن الخريجي