جاء إعلان نداء خادم الحرمين الشريفين الملك ليشكل موقفاً تاريخياً من أخ عربي مسلم لأشقائه أبناء الشعب العراقي الكريم ليعيش آمالهم وآلامهم ويشارك بالجهد المبارك بمبادرة الخير والقوة والمتضمنة الحل العربي لمشكلة تأليف الوزارة الجديدة بعد أن أصبح الطريق مسدوداً أمام تنافس الكتل السياسية لانعدام التوافق بينها وضعف الثقة المتبادلة بين مسؤوليها مما جعلها تدور فراداً في محيط الجوار العراقي داخل دائرة مصالحها الخاصة ومكاسبها الشخصية، واستهلكت أكثر من ثمانية أشهر وشعب العراق بحاجة قصوى لتقديم الوزارة الجديدة لخدماتها المبشر بها انتخابياً من أكثر الكتل وعلى رأسها قبل الخبز والماء يأتي الأمن والسلام الاجتماعي المفقود وكان مثاله القاسي والجائر مذبحة الثلاثاء الدامي حيث اختلط دم المسيحي العراقي بدم أخيه في الوطن العربي المسلم.
ظهرت المبادرة الكريمة في توقيتها المحكم لتعطي النور في نهاية النفق السياسي العراقي المظلم لتمنح المشهد العراقي الكثير من الضوء وتحقق للمجتمعين حرية تامة للتفاوض والتشاور وبغطاء عربي شقيق تهمه المصلحة العراقية العليا بتنظيم وإشراف الأمانة العامة للجامعة العربية دون تدخل من أي جهة كانت ومن ضمنها الدولة المستضيفة المملكة العربية السعودية شقيقة كل الكتل السياسية التي تقف بينها على مسافة واحدة تنفيذاً لأسس السياسة الخارجية السعودية بعدم التفكير بالتدخل بالشؤون الداخلية لأي دولة أجنبية ناهيك عن دول الجوار العربي فإن جاء تدخلها فسيكون إيجابياً للمساعدة في تصفية أجوائه السياسية وبوساطة أخوية صادقة للوصول إلى وفاق دائم في الداخل والخارج وليبقى البيت العربي دافئاً تسوده المحبة والثقة والتعاون التام في وحدة القرار العربي، والمواقف المشهودة للدبلوماسية السعودية المخلصة والشفافة كثيرة العدد في سجل التاريخ السياسي العربي المعاصر.
للمبادرة الكريمة أبعادٌ وطنية متعددة منها القريب والمستهدف للوصول لصيغة عادلة ومنصفة ترضي جميع الأطراف السياسية العراقية للدخول في تشكيلة وزارية وبالمشاركة الجماعية في صنع القرار السياسي دون ترك السلطة التنفيذية وقيادة القوات المسلحة رهينة قرار شخصية واحدة أو منهج حزب سياسي واحد ولا بد من شراكة وطنية في مسيرة الحكم والسلطة التنفيذية بتمثيل حقيقي في إدارة الدولة العراقية الجديدة والسعي الجاد المخلص لبناء ما خربه الاحتلال الأجنبي ومن أهمها، استعادة سيادة واستقلال العلم العراقي وصون كرامة وحقوق المواطن العراقي.
وبعد تشكيل الوزارة لا بد من النظر لملفات هامة وعديدة تكدست في الفترة الأخيرة على طاولة مجلس الوزراء وهنا يظهر البعد الثاني للمبادرة الكريمة وذلك ببذل الجهد والتسامح لتحقيق المصالحة الوطنية بين كافة أطياف الشعب العراقي وبالذات مع من له نظره سياسية خاصة وغير مؤيدة للعملية السياسية الحالية وقد اختار طريق المقاومة سبيلا لإنهاء الوجود الأجنبي المحتل عن أرض الوطن العراقي والوصول مع هذه الشريحة العراقية إلى حالة الرضى والتوافق الاجتماعي مما يمهد الطريق لمستقبل عراقي يحوفه السلم والسلام وتتحقق العدالة الاجتماعية في ممارسة الحق المدني لكل مواطن دون تمييز سياسي أو مذهبي عرقي ويغدو الوطن لكل العراقيين ينعمون بثرواته الطائلة ويعملون جميعا بجد وإخلاص لبنائه على أسس جديدة تلحق بركب الحضارة المعاصرة التي ابتعد عن مظاهرها بمسافات زمنية طويلة.
الوفاق العربي لا بد أن يساهم وبجدية مخلصة لتخليص عنق الدولة العراقية من طوق البند السابع الذي بقي أعواماً طويلة يقيد السيادة الوطنية ويستنزف ثروة العراق بصيغة غرامات وتعويضات بلغت أكثر من خمسين مليار دولار والشعب العراقي أولى بها لرفع مستوى اقتصاده المنهار وثرواته تذهب أمام عينيه دون الاستطاعة من رفع هذا البند الأممي الذي يشكل الخلاص منه مرحلة جديدة في حرية القرار السيادي العراقي وفك الرهن عن اقتصاده وحريته في التصرف بموارده المالية.
وتعطي هذه المبادرة بعداً إنسانياً لكل مواطن عراقي بتخليصه من الفوضى الأمنية وهجمات الإرهاب الدولي والداخلي وأصبح القلق النفسي سمة الحياة اليومية في العاصمة بغداد ومن مسبباته التشنج السياسي الذي يخيم على المشهد الرسمي والشعبي.
وسيكون للخبرة والمهارة الأمنية السعودية في مكافحة الإرهاب ودحر فلوله خير عون لأجهزة الأمن العراقية التي أظهرت الأحداث قلة خبرتها في السيطرة على الموقف الميداني والمحتاجة لمراحل عديدة في صنوف التدريب والتهيئة الفنية والاستفادة من المهنية العالية التي يتمتع بها رجال الأمن السعوديين الذين حازوا على إعجاب وتقدير دولي.
وهناك أبعاد عديدة من مسيرة الخير المرافقة لتنفيذ هذه المبادرة السامية السعودية ومحورها سمو الغاية النبيلة مقدمة من يد شقيق كريم لأشقائه أبناء الشعب العراقي كافة دون تميز، فنداء صقر العروبة وصل لآذان كل الأطياف العراقية بنفس القوة والإخلاص وقوبل بالشكر والتقدير من كل عراقي مخلص، وبإذن الله ثم بهمة قيادتنا المخلصة سيعود العراق قوياً مستقلاً وموحداً ليشارك أمته العربية والإسلامية آمالها وأمانيها.. وعودة ميمونة للعراق لبيته العربي.
هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية