سلامتك والله يا مستر بوش ساءنا ما وصلت إليه حالتك, شعور بالغثيان ينتابك كلما فكرت بالعراق وحاله تقول في مذكراتك: «لم يصدم أو يغضب أحد أكثر مني عندما لم أجد أسلحة دمار شامل في العراق، كان ينتابني شعور بالغثيان كلما أفكر بالأمر ولا أزال».
أنا لست حزينة على آلاف الأرواح العراقية التي أزهقت ولست متألمة على أرض العراق وحضارة العراق ولا هذا الشقاق الذي اندلع بين السنة والشيعة ولا لهذه السطوة والاستئساد الذي صار إليه حال إيران. كل هذا مقدور على تعويضه أو حتى تجاهله ونسيانه مثل أشياء كثيرة قد تبدو قاسية لكن نسيانها يكون أيسر من شرب الماء.
لكن غير المقدور عليه هو هذا (المر) الذي (ينقز) على بوش كلما ذكر العراق وتقارير استخباراته التي كانت تحلف بأغلظ الإيمان العسكرية بأن العراق أرض السواد مفخخة ومزروعة بالأسلحة المدمرة.
أين ذهبت هذه الأسلحة هل تبخرت؟ هل «سلفها» صدام لإيران حتى تهدأ عنه العاصفة ثم يستعيدها. أين ذهبت الأسلحة المدمرة الشاملة؟.
هل كانت محض حلم أو خيال, هل غررت الاستخبارات ببوش وقادته لخوض حرب كبرى وأورثته غثياناً لا ينفك عنه العمر كله.
يشغلني جداً غثيان بوش وأفكر فيه كثيراً, أكثر من البحث عن إجابة للأسئلة السابقة التي لم يجب عنها بوش في مذكراته ولم تعلق عليها الاستخبارات لانشغالها اليوم بملف إيران النووي.
يقلقني كثيراً غثيان بوش ربما خوفاً على أوباما من أن يصاب به لاحقاً مع الفارق فالأول غثيانه يأتيه كلما فكر بالعراق بينما الثاني سيكون كلما فكر بإيران.
هذا الغثيان الأحمق الذي يعاود بوش كلما عنَّ له طاري العراق يحتاج إلى دراسات تحليلية نفسية حتى نجزم بعدها هل هو ناتج عن حزن بوش وتأنيب ضميره على العراق وما حل به أم هو غثيان ناتج من إحساسه بأن الاستخبارات قادته إلى حفرة الحرب واستنزفت أجمل سنين عمره بقراءة تقارير كاذبة. لا بد من تحديد الأسباب لتجنب الوقوع في التكرار.
في رأيي الخاص أن السبب الثاني هو الأقرب للصحة والأكثر اقتراباً من المنطق والعقلانية بالرجوع إلى طبيعة العلاقة بين الشرق والغرب ونظرة كل طرف للآخر وقيمة الإنسان في هذا الجزء من العالم.