|
الجزيرة - عبدالعزيز العنقري:
استبعد نجيب عبد اللطيف العيسى رئيس مجلس إدارة شركة نات (الشركة الوطنية للسيارات) وعضو مجلس إدارة مجموعة عبد اللطيف العيسى القابضة عودة الركود لصناعة السيارات على مستوى العالم مجدداً؛ مشيراً إلى أن تاثيرات الأزمة العالمية لم تنته وقال العيسى في حوار مع «الجزيرة»: إن الشركات المصنعة ستشهد مزيداً من التحولات عبر عمليات اندماج أو إلغاء إنتاج موديلات قائمة مع ظهور موديلات جديدة، مشيراً إلى أن التغييرات الناجمة عن الأزمة العالمية ستحتاج من عام إلى ثلاثة أعوام، وتحدث نجيب العيسى عن مدى مساهمة شركته في برامج المسؤولية الاجتماعية وحجم سوق السيارات بالمملكة اضافة إلى برامج السعودة داخل شركته وكثيراً من النقاط.... فإلى نص الحوار:
قبل أكثر من 50 عاماً بدأت «شركة العيسى للسيارات» انطلاقتها وحققت شهرة واسعة وسمعة طيبة طوال مسيرتها.. ما هي المبادئ التي ارتكزت عليها الشركة حتى تصل إلى مكانتها الحالية؟
- تمثلت مبادئ الشركة بالدرجة الأولى في ما أرساه الوالد -عليه رحمة الله- عند بداية التاسيس، حيث جعل الاهتمام بالعميل وتقديم الخدمة المميزة له من أهم الأولويات، مع الحرص الدائم على التحلي بأخلاق المسلم الصادق في التعامل مع العملاء، وهذا برأي هو سر النجاح في ما وصلنا إليه في شركة عبداللطيف العيسى من السمعة الطيبة وتبوئها اليوم مكانة مميزة بين باقي الشركات. وطبعاً كل ذلك يأتي بعد توفيق الله سبحانه وتعالى.
ما هي أبرز المحطات التي مرت بها الشركة وشكلت نقاط تحول في مسيرتها سواء كان هذا التحول بالإيجاب أو بالسلب؟
- هناك محطات عدة ولكن أعتقد أن أزمة جنرال موتورز العام الماضي وإعادة هيكلة الشركة الأم كانت من أصعب المحطات، حيث شكلت اختباراً حقيقياً لثقة العملاء فينا، ورغم ذلك استمر العملاء في التعامل معنا بالرغم من تزامن ذلك مع الأزمة المالية العالمية، ونحن من جانبنا لم نتوقف عن خدمة العملاء وأدينا واجبنا على أكمل وجه، وكنا أوفياء في خدمتهم ولم يشعر العميل بأي أثر سلبي لأزمة جنرال موتورز سواء على صعيد الخدمة أو المبيعات أو توفير قطع الغيار.. فهذه الأزمة أثبتت لنا مدى ثقة العملاء فينا -وإن شاء الله- سنكون دائماً أهلاً لهذه الثقة.
ما هي العوائق التي تواجه سوق السيارات بالمملكة خصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية؟
- لا أرى وجوداً لعوائق جوهرية أو رئيسية في سوق السيارات السعودي، ولكن قد يكون هناك انتقال وكالات من شركة لأخرى، وقد تتأثر الخدمات المقدمة للعميل من وكيل ما، بحيث لا يلقى الخدمة المناسبة أو قد يكون هناك نقص في قطع الغيار لفترة محدودة جداً فهذه هي أبرز التغيرات أو العوائق الممكن حدوثها.
كيف ترون سوق السيارات بالمملكة وما هي حصة شركة العيسى من هذا السوق وكم حجم النمو المستهدف سنوياً؟
- نستحوذ اليوم على ما يقارب 24% من مبيعات جنرال موتورز في المملكة، أما حصتنا في سوق السيارات عامة فمن الصعب إحصاؤها لعدم توفر بيانات دقيقة من الوكلاء الآخرين, ونحن في شركة العيسى نضع على رأس أولوياتنا الحرص على تقديم مستوى خدمة مميز للعملاء بالدرجة الأولى قبل التركيز على نسبة حصتنا في السوق, وبالنسبة لنمو مبيعاتنا السنوية فطموحاتنا كبيرة لثقتنا باقتصاد المملكة ومستقبله الواعد بسبب حرص خادم الحرمين الشريفين على التطوير المستمر للاقتصاد السعودي وانطلاقه وبالتالي أرى أن سوق السيارات السعودي سيكون مستقبله واعداً ومشرقاً.
عندما يقرر العميل شراء سيارة جديدة فإنه يبحث أولاً عن خدمة ما بعد البيع.. كيف نجحتم في الحصول على المركز الثاني على مستوى الشرق الأوسط في برنامج رضا العملاء؟
- لقد وصلنا لهذا المركز عبر اعتماد خطط مع المختصين لدينا في قسم الصيانة وقطع الغيار بهدف تطوير خدمات ما بعد البيع وتقديم برامج خدمة تراعي حاجة المستهلك السعودي في الدرجة الأولى وإرضاءه من أول مرة يحضر فيها سيارته للصيانة, وتم وضع هذه البرامج والعمل عليها في العام الماضي, وقد حققت النتائج المرجوة منها والدليل وصولنا للمركز الثاني على مستوى الشرق الأوسط في برنامج رضا العملاء، وهنا أثمن جهود العاملين بالشركة والإدارة العليا التي حددت لهم هذا الهدف للمحافظة على سمعة الشركة في مجال الصيانة بحيث تكون في مستوى متقدم جداً حيث ركزنا على هذا الجانب أكثر من التركيز على تحقيق أرقام في المبيعات.
كيف تقيمون علاقتكم بشركة جنرال موتورز باعتباركم أحد وكلائها في المملكة؟
- هي علاقة طويلة تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً، والحمد لله استطعنا أن نحصل سنوياً على جوائز تقدير على أدائنا وتمثيلنا لشركة جنرال موتورز في منطقة الرياض سواء على مستوى المبيعات أو الصيانة أو قطع الغيار، ونحن دائماً ما نحقق الأهداف التي تضعها جنرال موتورز وذلك بفضل من الله ثم بثقة العملاء وبجهود منسوبي شركتنا.
ذكرتم أن سوق السيارات السعودي واعد، برأيكم ما هي الموديلات التي سيزداد الطلب عليها، هل هي السيارات الصغيرة أم سيارات الدفع الرباعي؟
- معلوم للجميع أن فئة الشباب هم الشريحة الأكبر في المجتمع السعودي وهؤلاء عند تخرجهم من المرحلة الثانوية أو الجامعية يسعون للحصول على سيارات تناسب احتياجاتهم وتكون باقتنائهم سيارات صغيرة ومتوسطة الحجم، وبالتالي فنمو مبيعات هذا النوع من السيارات يعتبر مرتفعاً قياساً بالسيارات العائلية (الدفع الرباعي) التي يعد نموها متواضع جداً فقد وصل نمو السيارات الصغيرة إلى 20% سنوياً بينما نمو مبيعات السيارات الكبيرة يصل إلى 3% فقط.
طورت شركة العيسى من نشاطاتها ودخلت مجال تصنيع قطع غيار السيارات.. كيف تقيمون هذه التجربة اقتصاديا؟
- لاشك أن الاستثمار في هذه الصناعة يعتبر مجديّاً اقتصادياً، ولذلك قمنا مع شريك أجنبي بإنشاء مصنع بطاريات، واستطعنا من خلاله توفير حاجة السوق المحلي كما نقوم بالتصدير لأسواق خارج المملكة.
كم تبلغ نسبة السعوديين العاملين لديكم، وما هي التخصصات التي يشغلونها؟
- مشروع السعودة لدينا ننظر إليه باعتباره مشروع وطني، ونحن حريصون على تطويره حيث يلقى كل الاهتمام من مجلس الإدارة وهو نصب أعيننا دائماً, ولا شك أن الشباب السعودي أثبت كفاءته.
وقد وصلنا في السعودة إلى نسبة 31%, ونطمح بالوصول لنسبة أعلى في المستقبل، وأعتقد أننا من الشركات القلائل في قطاع السيارات التي وصلت لهذه النسبة؛ ويشغل السعوديون لدينا وظائف في جميع قطاعات الشركة، في مراكز الصيانة ومراكز قطع الغيار وفي المبيعات, وكذلك في أغلب الإدارات، وأتمنى من وزارة العمل أن تقوم بدعم مشروعنا هذا لأنه لا يمكن أن يحقق النجاح المنشود بدون وقوفهم ودعمهم لنا.
أسستم شركة أوتو ستار للسيارات المستعملة ما هو الدافع وراء انشاء هذا المشروع؟
- تم تأسيس شركة أوتو ستار لحاجة سوقنا الماسة لمثل هذه الشركات، فبناءً على دراسات قمنا بها لاستكشاف حاجة السوق السعودي من السيارات تبين لنا أن عملاءنا لديهم رغبة بتوفير منتجات أخرى غير منتجات شركة جنرال موتورز وشركة آيسوزو, ما دفعنا لإنشاء أوتو ستار التي تقوم فكرتها على بيع سيارات مختلفة جديدة ومستعملة ومضمونة إضافة لتقديم خدمات الصيانة وقطع الغيار واليوم أصبحت أوتو ستار تتمتع بقاعدة عملاء كبيرة عبر فروعها التي بلغ عددها 14 فرعاً، ونطمح في المستقبل بالوصول لكافة مناطق المملكة عبر إضافة فروع جديدة.
ما هي البرامج التمويلية التي تقدمها شركة العيسى لعملائها؟
- نقوم بتقديم الخدمات التمويلية عبر شركة اليسر التي أصبح لها اليوم مكانة هامة في السوق السعودي من خلال ما تقدمه من برامج تمويل متميزة لامتلاك السيارات، حيث تحظى بالتقدير من عملائنا, وهي شركة دائمة التطور في خدماتها، حيث توفر منتجات من خلال برامج تقسيط مريحة تناسب الملاءة المالية للعملاء، كما أن برامجها تتماشى مع تغيرات السوق، وقد بدأت هذه الشركة قبل ثلاثين عاماً واستطاعت خلالها تلبية احتياجات العملاء من السيارات دون أن تثقل كاهلهم بأقساط شهرية أو دفعات مرتفعة. الأمر الذي انعكس بالإيجاب على عدد العملاء على المدى الطويل.
كيف تساهم شركاتكم في برامج المسؤولية الاجتماعية؟
- المسؤولية الاحتماعية واجب وطني علينا أن نؤديه دون منة أو فضل، وقد وضعنا برامج تدعم هذا الجانب إضافة لبرامج أخرى جاري التخطيط لها. فعلى سبيل المثال قمنا بتوظيف أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة لدينا، لإدراكنا بأنهم عنصر فاعل في المجتمع يجب الأخذ بيدهم ومساعدتهم عبر توفير وظائف تناسب احتياجاتهم وما زلنا إلى اليوم نقوم بتامين وظائف لهذه الشريحة التي نشعر بمسؤولية كبيرة اتجاههم. كما أنشانا أكاديمية متخصصة في تدريب وتطوير مهارات الشباب السعودي في مجال بيع السيارات.
بالرغم من كبر حجم السوق السعودي والعمر الطويل للوكالات العاملة فيه إلا أنه لم يقدم أحد على خطوة تتعلق مثلاً بالتصنيع أو بالتجميع محلياً باستثناء مشروع السيارة غزال.. ما هي الأسباب من وجة نظركم التي تمنع الإقدام على هذه الخطوة؟
- رغم أن سوق السيارات في المملكة كبير جداً ولكن أرى أن السبب في عدم وجود مصانع للسيارات بالمملكة يعود لعدة عوامل من أهمها أن السوق السعودي لم يصل للمستوى الذي يجعله مجدياً اقتصادياً لإنشاء مصانع للسيارات, فالشركات المصنعة لن تقوم بخطوة تصنيع السيارات ما لم يكن هناك جدوى اقتصادية من ذلك, أضف لذلك أن هناك عائقاً آخر يتمثل بعدم وجود سوق عربية مشتركة تجعل قيام صناعة سيارات في المملكة ذات جدوى اقتصادية، إضافة إلى أن الشركات المصنعة تأخذ بعين الاعتبار التكلفة بحيث أصبحوا يركزوا مصانعهم في المناطق والدول ذات التكلفة الأقل عبر توفر عمالة مدربة ورخيصة في أن واحداً مع مميزات أخرى مغرية تجدها في دول بعينها عند إنشاء صناعة السيارات لديها، فعلى مستوى العالم نجد أن هناك مصانع يتم إقفالها في الولايات المتحدة بينما يتم فتح مصانع جديدة في الصين وتايوان وكوريا نظراً لتوفر الجدوى الاقتصادية في بناء مصانع للسيارات في مثل هذه الدول.
كيف تنظرون لمشروع غزال الذي سيبدأ الإنتاج الفعلي بعد ثلاث سنوات وهل ستكون بداية توطين صناعة السيارات في المملكة؟
- إن مشروع السيارة غزال هو مشروع بحثي متطور وجميع الأشياء تبدأ بسيطة ثم تتطور، وقد يكون بمثابة تجربة ننطلق منها إلى آفاق جديدة مستقبلاً في غضون خمسة أو عشر أعوام قادمة, ورغم أنها تجربة تعد كبداية بسيطة ولكن أعتقد أنها ستكون مفيدة جداً.
هل تجاوزت الشركات المصنعة للسيارات في العالم عامة وفي الولايات المتحدة خاصة تداعيات الأزمة العالمية وما هي قراءتكم للسوق في حال عودة الركود مجدداً؟
- أستبعد عودة الركود مجدداً، ولكني أرى أن تأثيرات الأزمة العالمية على صناعة السيارات في العالم لم تنتهي حتى الآن، حيث سنشهد مزيد من التحولات لدى الشركات المصنعة من خلال عمليات الاندماج أو إلغاء إنتاج موديلات قائمة مع ظهور موديلات جديدة، وهذه التغيرات الناجمة عن الأزمة العالمية ستحتاج من عام إلى ثلاثة أعوام حتى تظهر أثارها بشكل واضح على الشركات المصنعة للسيارات.
حالياً نسمع أن أغلب الشركات تخطط لرفع نسبة إنتاجها من السيارات الهجينة الصديقة للبيئة, فهل سنرى قريباً هذه السيارات في السوق المحلي؟
- لاشك أن انخفاض سعر البنزين لدينا سيجعل استيراد هذه السيارات غير مجدي اقتصادياً، فالسيارات الهجينة مناسبة للأسواق التي تعاني من ارتفاع أسعار البنزين والديزل، أو لديها قيود صارمة في قضايا حماية البيئة ولذلك أرى أنه من المبكر جداً التفكير باستيراد وإدخال هذا النوع من السيارات للسوق المحلي.
هل تخططون في المرحلة المقبلة للتحول إلى شركة مساهمة عامة, ومن ثم إدراجها بالسوق المالي؟
- هذا الموضوع يخص ملاك الشركة المساهمين فهم من يقرررون ذلك, وإلى الآن بحسب علمي لا يوجد أي طرح أو نقاش يتعلق بتحويل الشركة إلى شركة مساهمة عامة.
ما الذي تحب أن تضيفه في ختام هذا اللقاء حول سوق السيارات المحلي وكيف تراه في المدى المنظور؟
- أولا أحمد الله عز وجل على نعمه التي أغدقها على وطننا الغالي، ثم أشكر خادم الحرمين الشريفين الذي وطد خططاً اقتصادية ساهمت في تحريك الاقتصاد السعودي وإنعاشه خلال الأزمة العالمية الأخيرة.. وأعتقد أن المملكة قامت وتقوم بدور مميز ساعد في استمرار الحالة الصحية للاقتصاد الوطني. أما بالنسبة لسوق السيارات المحلي فأرى أن من أهم واجبات وكلاء السيارات في المملكة أن يتعاملوا بكل صدق وأمانة تجاه عملائهم وأن تكون خدماتهم على مستوى التوقعات. ولاشك أن التحديات والمصاعب موجودة ولكن مع ثقة العملاء نستطيع أن نكون -إن شاء الله- في المستوى المأمول، فعملاؤنا يستحقون دائماً أن نكون عند حسن ظنهم فينا.