ويكيليكس Wikieaks هو النجم الجديد في سماء الإعلام الجديد.. هيمن خلال الأسبوعين الماضيين على مجريات الأحداث في المنطقة، بنشره وثائق عن السياسة العراقية.. وقبله نشر وثائق عن يوميات أفغانية عن الحرب في افغانستان وصلت إلى 67900 وثيقة ، وقبله بث لقطات فيديو عن قتل المدنيين في العراق بواسطة قوات أمريكية..
.. وكان قد نشر وثائق عن انتهاكات حقوق إنسان في كينيا، الدولة الأفريقية.
كما نشر وثائق كثيرة عن معتقل جوانتانامو، وخاصة الأدلة manuals العملية هناك. كما نشر وثائق عن أعداد القوات الأمريكية في العراق وحجمها ومواقعها. ونشر الموقع تقارير من الكونجرس الأمريكي وصلت إلى 6500 تقرير تعادل قيمتها مليار دولار. وهناك نشر واسع لتقارير سرية مثل محاولة السي آي أي في تدمير موقع ويكيليكس.. ولكن يظل نشر الموقع في هذا الشهر لحوالي 400 ألف وثيقة عن العراق هو الحدث الأبرز في تاريخ هذا الموقع، لما له من تداعيات كبيرة في المنطقة.
تأسس هذا الموقع عبر منظمة بذات المسمى عام 2006م، ولكن أول ظهور له أمام الجمهور - كما أشارت إلى ذلك موسوعة ويكيبيديا - كان في يناير 2007م، وكان التأسيس بواسطة مجموعة من الأشخاص منهم معارضون صينيون وصحافيون وعلماء رياضيون وتقنيون في المواقع الإلكترونية من أوروبا وتايوان وأستراليا وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة. وقد حصد هذا الموقع جوائز دولية عديدة، كما تلقى الموقع جائزة الإعلام الجديد من منظمة العفو الدولية. وقد صنفت صحيفة نيويورك ديلي نيوز موقع ويكيليكس على أنه الأول الذي يتصدر المواقع الإلكترونية والتي ستغير مفهوم الأخبار في العالم.
ويمتلك الموقع مجلسا استشاريا من عدد من الشخصيات في العالم، كما لدى الموقع أكثر من 1200 متطوع مسجل لدى الموقع. ويشير إلى أن هدفه هو كشف الظلم والقمع في الأنظمة الدكتاتورية في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، وفي كل مكان آخر من العالم. ويظل الغموض يحيط بهذا الموقع وأهدافه، ولكن الشخصية الأولى ورئيس التحرير والمتحدث الإعلام هو جوليان أسانج Julian Assange صحافي أسترالي، تشير تقارير صحافية إلى أنه المؤسس لهذا الموقع.
وجوليان أسانج هو رئيس تحرير لموقع ويكيليكس ويتحدث بإسمها، وقد ولد عام 1971م في كوينزلاند بأستراليا. وكان والداه في المجال الفني الغنائي، إلى أن انفصلا تماما، وهربت والدته به مع أخيه بعيدا عن والده لخمس سنوات، وتربى جوليان في مدارس نظامية ومنزلية إلى أن استقل بنفسه ودرس بجامعة ملبورن في الفيزيا والرياضيات ولكن لم يكمل درجته العلمية، ثم درس الفلسفة في جامعة أخرى. وهو في سن أقل من العشرين انضم إلى مجموعة من «الهاكرز» كانت تتطفل على المواقع الإلكترونية في أستراليا، إلى أن داهمته الشرطة الفيدرالية هناك وألقت القبض عليه وهو يحاول اختبار أمن مواقع إلكرتونية مثل شركة الاتصالات الأسترالية وإحدى الجامعات الأسترالية ومواقع منظمات أخرى. وثبتت عليه 24 تهمة، ولكن أطلق سراحه بعد دفعه غرامة مالية.
وفي التسعينيات من القرن الماضي، مارس أعمالا في برمجة الحاسب، وعمل في أكثر من مشروع، وألف كتابا عن الهاكرز وجنونها.. وابتكر عددا من البرامج، جميعها تصب في نظام الحماية الأمنية للمعلومات. وفي عام 1999م سجل باسمه موقع leaks.org ولكن لم يتم تفعيله، حتى اكتسب الاسم الحالي للموقع ويكيليكس عام 2006م. وجوليان أسانج متحرك دائما وكثير السفر، حتى أنه قال عن نفسه أنه يسكن في المطارات.. ثم أخيرا استقر قبل أشهر فقط في ايسلندا حيث هو ومجموعة من العاملين في الموقع يعملون من هناك.
وله حضور كبير في المناسبات الإعلامية والمؤتمرات العلمية، كما ظهر في قنوات عالمية من بينها قناة الجزيرة القطرية. وعلى الرغم من كثرة سفرياته، إلا أنه رفض الذهاب إلى الولايات المتحدة بحجة أنها بلد غير آمن بالنسبة له. ولا تزال الحكومة الأمريكية تطارده وتبحث عن حجج قانونية للقبض عليه على أساس سرقة وثائق أمريكية. وكان قد سحب منه الجواز الأسترالي في أثناء عودته لبلده، ولكن أعيد إليه.. وفي السويد في أغسطس 2010م تم إيقافه على أساس تهمة اغتصاب لفتاة أثناء حضوره مناسبة في ستوكهولم، وتهمة أخرى للتحرش بفتاة أخرى، ولكنه أطلق مباشرة لعدم وجود أدلة واضحة في هذه التهم. ويشير المدافعون عنه إلى وجود حملة شعواء ضده تحاول الإيقاع به بأي طريقة.
ويتعرض موقع ويكيليكس حاليا لمقاطعة من عدد من الحكومات، بما فيها الحكومة الصينية التي حظرت الموقع على مواطنيها، إضافة إلى حظر عدد من الدول الآسيوية لهذا الموقع. كما أن الموقع في القائمة السوداء من قبل هيئة الاتصال والإعلام الأسترالية، مما دعى بعض الدول الأخرى إلى الانضمام إلى هذا الحظر..
وأخيرا، تنطلق فكرة الموقع من مبدأ حرية النشر وضرورة توفير الحقائق للناس ليصبحوا قادرين على الحكم.. وهذا ما أشار إليه الموقع الرسمي لهذه المنظمة، حيث تستند إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويعرض الموقع الى آليات حصولهم على هذه الوثائق، وأنهم لا يدعون أحدا لتقديم أي وثيقة، ولكنهم يرحبون بذلك إذا وصلتهم. ويعرضون الوثائق لآليات مراجعة وفحص للتأكد منها، ثم يكتبون تحليلا لها ويعرضون هذه الوثائق للعامة. وطريقة عرضهم يشبه ما تقوم به موسوعة ويكيبيديا، لكن لا توجد علاقة بين الموقعين. ويعد هذا الموقع من أهم المواقع في وسائل الإعلام الجديد الذي أخذ مكانته ودوره في العالم، نظرا للتغطيات العالمية التي يأخذها من وسائل الإعلام الدولية، إضافة الى التداعيات الكبيرة في أروقة السياسة وأجهزة الاستخبارات، وخاصة في استخبارات الدول العظمى.
(*) المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية،- استاذ الإعلام بجامعة الملك سعود