جزر البحرين عمها نور الإسلام في العام السابع هجري حيث نسب خاتم الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم- الصحابي العلاء الحضرمي أميراً على البحرين وتوالى الوجود العربي والإسلامي في عهود الدولة الأموية والعباسية. وتبدأ مرحلة الدولة البحرينية بعهدها العربي إثر توحيدها بقيادة المؤسس الأمير أحمد بن محمد آل خليفة «الفاتح» الذي أرسى للشعب
البحريني وحدته الوطنية ووجهه العربي الإسلامي وبدأ عهده الإصلاحي بتشجيع طلاب العلم وإنشاء الكتاتيب والمساجد وعمر مساكن جديدة في المحرق والمنامة وكان -رحمه الله- تقياً مؤمناً شجاعاً اختار حاشيته من علماء ووجهاء أهل البحرين وأسماهم بأهل الشورى واختتم عهده عام (1209هـ) ودفن في مقبرة المنامة وتوالى على سدة الحكم من «آل خليفة» العديد من الشيوخ والأمراء ومع اكتشاف البترول على أرضه عام 1932م عاشت البحرين قفزة اقتصادية وتجارية مميزة فأنشأت البنوك والمؤسسات المالية الاستثمارية مما عكس ذلك على التنمية الاقتصادية الشاملة وتوج استفتاء عام 1970م بداية سياسية ثابتة لإظهار وحدة الشعب البحريني وتمسكه بقيادته العليا وإعلان وجهها العربي بعد انضمامها للأمم المتحدة والجامعة العربية.
وتميز عهد أميرها الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة «أسكنه الله فسيح جناته» بالازدهار الاقتصادي والاحترام السياسي فانضمت لمجلس التعاون الخليجي وشاركت في مؤتمرات القمة العربية وكان لسياستها الخارجية التأثير الإيجابي في جميع القضايا العربية والإقليمية والدولية وحدد أنظمة الدولة وشكل مجلس الإسكان الشعبي وتشييد العديد من المدارس والمستشفيات وظهرت السياحة كصناعة مربحة اقتصادياً وتعددت الاستراحات السياحية والفنادق ونما دخل الفرد البحريني، وبعهده تم ربط المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين بجسر إستراتيجي «جسر الملك فهد» والذي تم افتتاحه في 25 نوفمبر عام 1986م بطول 25 كم؛ حيث اشترك الزعيمان الأمير عيسى والملك فهد -رحمهما الله- بتشريف حفل الافتتاح، وأطلق على هذا المرفق الحيوي «جسر المحبة» ليمنح شعب البحرين الخير والقوة ومساندة ساعده القوي الحكيم سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء صاحب الخبرة السياسية والسمعة الدولية العالية والذي حظيت شخصيته المميزة باحترام وتقدير كل المنظمات الإنسانية والاقتصادية. وجاء تشييد جامع الفاتح في المنامة على نفقة الأمير الراحل عيسى -رحمه الله- تتويجاً لمشاعر العرفان لشخصية المؤسس أحمد الفاتح وألحق ببنائه مركزاً إسلامياً كبيراً تضم مكتبته الغنية بأمهات الكتب الإسلامية والعربية الفكرية لأشهر العلماء والكتاب العرب والمسلمين وتشكل عمارته الجميلة معلماً حضارياً خالداً.
مرت الشقيقة مملكة البحرين بتطورات سياسية واقتصادية تنموية سريعة دونها تاريخها السياسي بالعرفان والتقدير لقيادتها الوطنية المخلصة، حيث تم تسخير موارد ثروتها الطبيعية إلى واقع اقتصادي واجتماعي متطور، وقد نُفذت خطط تنموية شاملة أعادت بناء البنية الأساسية بكافة الخدمات العامة من صناعية وصحية وتعليمية، ويفتخر كل مواطن بحريني منصف «بعهد حمد» كما يحلو لكل مواطن تسميته، فمنذ اعتلاء الملك حمد بن عيسى آل خليفة عرش دولة البحرين في مارس 1999 م فابتدأ عهده بصفحة جديدة بيضاء في الحياة السياسية البحرينية فأصدر عفواً عاماً لكل الموقوفين سياسياً وأعاد الحياة للحركة البرلمانية بعد أن جمدت عام 1975م. ومنحت المرأة الحق في المشاركة البرلمانية وتوجت المكاسب النسائية بتأسيس المجلس الأعلى للمرأة بإشراف الأميرة الفاضلة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة «حرم الملك حمد» شكل هذا المجلس النسوي دفعة قوية في مسار حقوق المرأة وحريتها الشرعية وضمان حقوقها العائلية والمدنية؛ فأصبحت المرأة البحرينية وزيرة ونائبة ورئيسة مجالس إدارية في البنوك والشركات وعميدة جامعية، بل أصبح وجودها حاضراً في كل مجالات الحياة العامة في المجتمع البحريني. وتشهد مملكة البحرين نهضة صناعية تتمثل في صناعة السفن وإصلاحها وتكرير المشتقات البترولية والبتروكيماويات وصناعة الألمنيوم موزعة على ثلاث مدن صناعية، وأصبح القطاع السياحي يشكل مورداً هاماً في الدخل الوطني، وقد أثر الزحف السكاني على المناطق الخضراء وقلص مساحة المزارع المحيطة بالمدن البحرينية وانخفض عدد النخيل إلى أقل من مليون نخلة والتي عرفت البحرين موطنها الأصلي والتي أتمنى أن تشكل حيزاً في شعارها الوطني، وتعيش مملكة البحرين نهضة ثقافية وعلمية ظاهرة، وصدرت الكتب والمجلات في العشرينيات من عصرنا هذا وشكلت المجالس الأدبية والثقافية وجاء مشروع الملك حمد لمدارس المستقبل والتي تهدف لربط جميع مدارس المملكة بالشبكة الإلكترونية، وعم التعليم الإلزامي والمجاني، وبلغت النهضة التعليمية مداها المزدهر ببلوغ عدد الجامعات الحديثة أكثر من اثني عشر جامعة وكلية متخصصة.
عاشت مملكة البحرين في أيامنا هذه عرساً وطنياً بإجراء الانتخابات البرلمانية والبلدية؛ فقد أقبل المواطنون على المشاركة الانتخابية بنسبة عالية بلغت أكثر من 67 % وجرت في أجواء أخوية وبحرية وشفافية مميزة لاختيار «40» نائبا جديدا وظهرت النتائج الرسمية فوز مرشحي القوائم الانتخابية وعدد واضح من المستقلين وهذا هو العرس الثالث منذ إعلان النظام الملكي في فبراير 2002 م إثر التصويت على ميثاق العمل الوطني. مملكة البحرين الشقيقة تبقى جزءاً عزيزاً من تاريخ وجغرافية الجزيرة العربية وتشارك شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي عهد الرخاء والأمن والاستقرار وتهنئة للفائزين الجدد في المجالس البلدية والبرلمان ودعوة لترجمة شعاراتهم الانتخابية على الواقع وليشارك الجميع من أهل البحرين بحماية ديرتهم وتثبيت أركان الوحدة الوطنية ورفض الأطماع الأجنبية الحاقدة الحاسدة وخدمة الوطن والشعور بمسؤولية المواطنة وشد أزر القيادة الوطنية البحرينية المخلصة للمزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية للبحرين.
هيئة الصحفيين السعوديين جمعية الاقتصاد السعودية