منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر وأمريكا تحتفل سنوياً بذكرى هذا اليوم، ومن أهم مظاهر هذا الاحتفال أن يلقي الرئيس كلمة سنوية وتذرف عائلات الضحايا الدموع على من ماتوا في ذلك الحادث المروع الذي قتل أكثر من ثلاثة آلاف من الأمريكان الأبرياء وعدد منهم من المسلمين، لكن هذا الحادث الذي نفذه عدد محدود من الإرهابيين الذي رأوا في أمريكا عدواً بسبب سياستها ودعمها لإسرائيل ذلك الحادث تسبب في قتل مئات الآلاف من المسلمين الأبرياء في أفغانستان والعراق وهناك فرق بين ثلاثة آلاف ومئات الآلاف من القتلى! ولمن نسي فبعد الاعتداء بعدة أيام هاجمت أمريكا أفغانستان بالصواريخ والطائرات ووقع قتلى كثيرون وعندما قيل لأحد المسؤولين الأمريكان إنكم تقتلون أبرياء في أفغانستان قال: حتى الآن لم نصل إلى ثلاثة آلاف بإشارة إلى عدد المقتولين في برجي التجارة العالمي!
تصوروا لو أنه سنوياً وقف كل من رئيسي العراق وأفغانستان لإحياء ذكرى من ماتوا في القصف الأمريكي لبلدانهم، أليس ذلك حق مشروع؟! وهل سيتضمن رسائل ظاهرة أو مبطنة لإدانة أمريكا كما هو الحال مع الرسائل التي يتضمنها احتفال أمريكا في 11 سبتمبر في إدانته للمسلمين! لقد تسبب عدد من الإرهابيين الخارجين عن القانون وعن اتفاق المسلمين بحادث 11 سبتمبر، والعالم الغربي بكامله اقتص للثلاثة آلاف بمئات الآلاف من البشر هدمت بيوتهم على رؤوسهم ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً!
فلماذا لا تتذكر الدول الإسلامية مثل هذا اليوم بإحياء ذكراه منددة بالإرهاب الذي جر عليها وعلى العالم بأسره الويلات وفي نفس الوقت نذكر أمريكا أن مصيبتنا نحن أعظم وأشد فداحة من مصيبتهم في 11 سبتمبر، الفرق الذي يمكن ملاحظته أن تفجير المبنى بالطائرات قام به عدد من الإرهابيين الذي بررت لهم السياسة الأمريكية غير المنصفة في الشرق الأوسط ما فعلوا، وهو تبرير لا يقبله المسلمون ويرفضونه بشكل قاطع، بينما (المحرقة) التي ارتكبت في أفغانستان كانت من تصميم وتخطيط وتنفيذ جيش دولة عظمى قتلت الآلاف وما تزال! إننا أحق أن نتذكر هذا اليوم لنرسل رسالة إلى الغرب أننا ضد الإرهاب ولنوضح أن قتلانا أكثر من قتلاهم وأن مصيبتنا أعظم من مصيبتهم كي لا يزايدوا علينا في كل عام، ولكي ينتبهوا إلى أن هذا التباكي السنوي لن ينتج عنه تصالح بين الديانات ولا بين الشعوب!
وما أعلنت عنه الكنسية مؤخراً من عزمها حرق المصاحف ثم تراجعها عن ذلك إلا مؤشرا قويا يؤكد أنه بالرغم من مرور تلك السنوات على الحادثة فإن الاحتفال بها يعزز الكراهية ويوفر وسطاً مناسباً لتصادم الحضارات ويضعف من حوار الديانات ويعطي فرصة للمتعصبين والمتشددين في أمريكا وغيرهم!