إن شيخنا الرائع الموسوعي الوسطي سلمان بن فهد العودة يعد استثناءً في مجال الدعوة والإصلاح الاجتماعي بكل المعايير. لقد أثبت من خلال برامجه المتعددة التي آخرها (حجر الزاوية) الذي يبث عبر mbc خلال شهر رمضان، أنه استثناء في فكره ووسطيته ومنهجه ورؤيته واستشرافه للمستقبل، كما استطاع أن يستقطب عدداً كبيراً جداً من المشاهدين من كل أنحاء العالم من عرب وعجم!
إن المتابع لكل حلقات هذا البرنامج يكتشف أن الشيخ سلمان وهو يدعو إلى «التغيير» قد فتح آفاقا جديدة وأنار دهاليز مظلمة ومهد لمرحلة جديدة من الجدل الفكري المستنير والمعتدل والعقلاني المتسامي فوق «الأنا» وفوق الرؤية الواحدة والحقيقة المطلقة، «وإن أريكم إلا ما ارى» التي يعتنقها الكثير من فقهاء اليوم شرقا وغربا ويمجدها العديد من اؤلئك النمطيين المعتنقين لثقافة الإقصاء والتطرف والتصنيف المقيت، وايضا المتكئين على «المحاصصة» الفكرية والدينية والولاء والبراء و»رضاعة الكبير» وكأنها الهم الأول للأمة، فزادوا ألأمة رهقا وشتتوا أهواءها ووحدتها وكأن الله لا يعرفه إلا هم، أو كما قال الشيخ في برنامجه آنف الذكر!!
العودة عاد بنا حقا الى أصول الإسلام الأولى النقية البسيطة التي حمّلها المغالون والظلاميون والحمقى فوق ما تحتمل، وظهر جيل يتلقى ولا يسأل، ويٌوجَّه ولا يُناقش، ويًسيَّر ببلاهةِ مُسيِّر وبلادة مٌسيَّر!!
لقد حمل هذا الرجل لواء التغيير الفكري والسلوكي الذي نحن بأمس الحاجة إليه في هذا الوقت بالذات ليواكب التحديث النهضوي الكبير الذي يقوده الملك الفذ الواعي عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وخاصة في المجالين الاقتصادي والعلمي، كما لا يخفى على أحد.
ومما لا شك فيه أن التغيير كما ذكر الشيخ سيواجه عدة عقبات ولعل من أهمها كما تعودنا، (الرفض) غير المبرر الذي لا يلبث أن يذوب أمام قوة الواقع وما يفرضه من تغيير في شتى المجالات شئنا أم أبينا. لقد بدأ الشيخ الخطوة الأولى على درب الألف ميل، ومهما كان الجهد على المستوى العام قليلا فهو مهم للغاية، ومع تتالي الأفكار وتتابع الرؤى والطروحات، وتدخّل القرار السياسي فيما يناسبه، فسوف يتحقق التغيير المنشود بإذن الله؛ فالقطرات المتتالية تصنع جدولاً.