علّق بعض الرجال الظرفاء على خبر فتاة الصقور (من هو اللي أمه داعية عليه يفكر يرفع يده في وجه امرأة بعد اليوم).
أعادتني فتاة عقلة الصقور إلى خبر مفاده: تسلل شاب أعزل إلى مدرسة بنات فتعالى صراخ المعلمات وحدثت حالات إغماء بين الطالبات.
وقع ذلك قبل سنوات. (سجع غير مقصود) !
مثل هذه الأخبار التي لا ندري عن مدى صحتها كانت تنشر ومن ثم تشرعن قيام حراس المدارس بغلق البوابات بالأقفال وتهيئة المجتمع لقبول هذا المظهر غير الحضاري واللا إنساني لما يترتب عليه من مخاطر في حال حدوث حريق أو تزاحم لا سمح الله. أتمنى - إذا كان ذلك معمولاً به حتى الآن - إلغاء الأقفال واستبدالها بتكثيف الحراسات النوعية المدربة على مواجهة الخطر والتعامل معه والاستعانة بكاميرات مراقبة على الأسوار والمداخل، ذلك في رأيي أجدى وأنفع.
أذكر أنني كتبت في هذه الزاوية عن خبر تسلل الشاب الذي حدث في غفلة من حكم الراية (حارس المدرسة) وفسرت الموقف الذي أنتج هذا الرعب الذي أصاب عدداً غفيراً من النساء من مجرد شاب أعزل إلا من ثوبه وغترته وتكوينه الذكوري الطبيعي إلى الصورة الذهنية التي تشكلت على مدار عقدين متتاليين من التدجين الثقافي عبر مؤسسات مختلفة وأنشطة وبرامج موجهة جعلت من الرجل ذئبا مفترسا والنساء مجرد شياه لا بد من وضعهن في «شبك» حتى ينجون لأنهن لا يملكن البصيرة والهدى والقوة التي تكفل حمايتهن لأنفسهن. وتم سلخهن من جذورهن الصحراوية التي وهبتهن القوة والشجاعة.
أذكر أنني تساءلت: ماذا لو اقتحم المدرسة ذئب حقيقي فهل ستنهار النساء ويتساقطن أرضاً؟ أم أن الذئب الحيواني أرحم من الذئب البشري في وعيهن الذي دربن عليه؟!
فتاة عقلة الصقور التي أنقذت شقيقتها من فك ذئب مفترس بإطباقها على رقبته بيديها الناعمتين أعادت لي جميل الثقة بأن ثمة جيلاً من النساء استعاد عافيته ونجا من التدجين الثقافي الذي تقلص كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية التي شهدت ولا شك تحسناً في الخطاب الموجّه للمرأة.
القصيم أهدت لنا هذه الأيام قصص نساء متعافيات فكرياً معتدات بكونهن نساء، يتعاملن مع المواقف المختلفة بما تقتضيه من حسم ومواجهة، فاطمة الغفيص في مدرستها وفتاة عقلة الصقور في خيمتها.