|
الجزيرة - عبدالعزيز العنقري :
دعا عضو مجلس الشورى الدكتور زين العابدين بري إلى الوقف التام للاستقدام في المهن التي يمكن إحلال السعوديين فيها مع فرض ذلك بقوة الأمر الواقع. وقال الدكتور بري ل»الجزيرة» إن أسباب ارتفاع البطالة في المملكة يرجع إلى الزيادة في استقدام العمالة الأجنبية بسبب عدم جدية رجال الأعمال في توظيف السعوديين بهدف دفع رواتب أقل والحصول على عمل أكثر وبالتالي تعظيم الهامش الربحي للمؤسسة، إضافة لعامل آخر يتعلق بعدم التنمية المتوازنة بين المدن والقرى خلال فترات التنمية المتلاحقة والتي تركت العديد من المدن والقرى في الأطراف تحظى بمقدار أقل من التنمية ما جعل مستوى البطالة في نمو مستمر في تلك المدن الصغيرة والقرى نتيجة لعدم توفر الأعمال، وهذا بدوره أدى إلى تنامي الهجرة الداخلية إلى المدن الكبرى ذات النمو والدخول العالية، فنتج عن ذلك ضغط على الأعمال الموجودة في المدن الكبرى وضغط على الإيجارات والأراضي وغيرها من الخدمات وارتفاع أسعارها مما زاد في الضغوط التضخمية الموجودة أصلاً بسبب زيادة الإنفاق وزيادة الطلب الكلي على العرض الكلي. وأضاف الدكتور بري: هناك بعض الأعمال التي لا يمكن أن يقوم بها المواطن كأعمال النظافة والبناء وخدم المنازل والسائقين. وبين أن هناك بعض السلبيات ستوجد عند توظيف عدد أكبر من السعوديين ضمن القطاع الخاص، كالارتفاع الطفيف في الأسعار نتيجة لزيادة رواتب القطاع الخاص أو التراجع الطفيف في الإنتاجية، ولكن بالمثابرة في العمل من خلال الإدارة الواعية وخلق روح المنافسة بين السعوديين فإن ذلك سيؤدي حتماً في الأجل المتوسط، إلى استقرار الأمور.
وأضاف الدكتور بري: إن الحد من الاستقدام سينعكس إيجاباً على الجانب الاقتصادي والأمني. فالعمالة الأجنبية جلبت معها الكثير من المشاكل الأمنية والأخلاقية والتي تفشت بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة. ومن الناحية الاقتصادية تقدر التحويلات السنوية للعمالة الوافدة إلى بلدانهم ما بين (120 إلى 200) مليار ريال، وهذا يمثّل ربع الدخل السنوي للبترول. وهذه الأموال لو أنفقت في الداخل لأدت لانتعاش كبير وزيادة في الطلب والمستفيد الأول من ذلك سيكون قطاع الأعمال الذي بكل تأكيد سيعوض عن ما تكبده من زيادة في الرواتب والأجور في حال زيادة توظيفه للسعوديين.
ويري بري أنه من المهم لمواجهة البطالة أن يتم التركيز على التنمية المتوازنة وخلق الأعمال في المدن والقرى والهجر وهي المناطق التي لم تطالها التنمية بعد. مع التنويه بأن هناك خطوات كبيرة قد اتخذت في هذا المجال ومنها بناء المدن الاقتصادية الحديثة وتركيز خطة التنمية التاسعة على هذا الهدف. كما أن هناك إجراءات أخرى تتخذ من أجل زيادة دعم صناديق الإقراض الحكومية لهذه المناطق إلا أن الطريق طويل وشاق ويستحق المثابرة والعناء بكل تأكيد. ولعله من المفيد أن نذكر أن هذا لا يساعد فقط على تنمية تلك المناطق وتوفير فرص العمل فيها وإنما أيضاً يسهم باستغلال الموارد الموجودة في تلك المناطق وفي تنمية الاقتصاد وزيادة الناتج المحلي الإجمالي والحد من الواردات وتسرب الدخل الوطني للخارج.
وبيَّن بري أنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن خلق قطاعات الأعمال الصغيرة والمتوسطة تساهم بلا شك في نمو دخول قطاع الشباب بصورة كبيرة كما يساهم في الحد من البطالة إلى حد كبير. وهنا لا بد أن نذكر الجهود التي يبذلها البنك السعودي للتسليف والإدخار وبعض المؤسسات الفاعلة الأخرى في دعم المنشآت الصغيرة والناشئة.
وعن إمكانية دور القطاع الحكومي في المساهمة في تخفيف أعداد العاطلين عن العمل قال بري: أعتقد أن القطاع الحكومي قد استوعب أكثر مما ينبغي. فحجم العمالة في القطاع المدني الحكومي وصلت إلى ما يزيد على 800 ألف موظف ما يوصف بأنه بطالة مقنعة نظراً لعدم الحاجة لكل ذلك التوظيف، بالإضافة إلى زيادة العبء على ميزانية الدولة نتيجة للإنفاق على بند الرواتب والأجور والبدلات والمكافآت والتي تشكل نسبة لا يستهان بها من الميزانية، الأمر الذي ينذر بعواقب غير سارة إذا ما انخفض سعر البترول إلى 40 دولاراً للبرميل لأن معظم إنفاقنا في مثل تلك الظروف سيوجه للإنفاق على الرواتب والأجور ولا يبقى منه إلا القليل لينفق على الاستثمار والبناء وتنمية القطاعات الإنتاجية. وكان محافظ مؤسسة النقد قد تحدث في التقرير السنوي الأخير للمؤسسة عن البطالة بشكل مختلف عن التقارير السابقة حيث ذكر ولأول مرة نسبة البطالة والتي بلغت 9.6% في العام 2009، وأن حجم العمالة بالقطاع الخاص يفوق 6.5 مليون يشكل السعوديون منهم 9.9 % فقط، وبالوقت نفسه تحدث عن ضرورة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وكذلك تناول ارتفاع التضخم.