الجبيل - خاص بـ»الجزيرة»
يؤكد فضيلة رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الجبيل الدكتور رياض بن عبداللطيف المهيدب، أن الجمعية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها المنشودة، ووفق خطط إستراتيجية مدروسة.
ودعا د.المهيدب في حواره مع «الجزيرة» إلى احتضان الشباب، وأنه يجب على الدعاة، وأصحاب الفكر والعلم والاختصاص، احتضان هؤلاء الشباب، والاقتراب من فكرهم، ومحاولة إقناعهم ببطلان المعتقدات المتطرفة مع استغلال طاقات هؤلاء الشباب، وشغل وقت فراغهم بما هو مفيد ونافع لهم. كما تطرّق الحوار إلى عدة قضايا مهمة عن الجمعية، ومناشطها المتعددة.. وفيما يلي نص اللقاء:
* ما عدد الطلبة والطالبات الملتحقين بالجمعية، وأعداد الحافظين والحافظات لكتاب الله الكريم، والخطط المستقبلية للجمعية لتطوير أدائها ورسالتها القرآنية تجاه أبناء وبنات المملكة؟
- تقوم الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الجبيل على خدمة كتاب الله عزّ وجلّ في أرجاء المحافظة، ولجميع فئات المجتمع رجالاً ونساءً وأطفالاً، شبابًا وشيبًا.. فبلغ عدد الدارسين في حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد لهذا العام (2165) دارسًا، في (141) حلقة، يقوم بالتدريس فيها (83) محفظًا، وبلغ عدد الذين ختموا كتاب الله كاملاً (194) خاتمًا، وعدد الحافظين لأكثر من خمسة أجزاء (258) حافظًا، وبلغت عدد المدارس النسائية التابعة للجمعية عشر مدارس نسائية لتحفيظ القرآن الكريم، يدرس فيها (2657) دارسة، في (167) حلقة، ويقوم بالتدريس فيها (157) معلمة، وبلغ عدد الخاتمات لكتاب الله (67) خاتمة، وعدد الحافظات لخمسة أجزاء فأكثر (366) حافظة.
كما ترعى الجمعية حلقات في الدوائر الحكومية يدرس فيها 61 دارسًا، وحلقات في كلية الجبيل الصناعية لـ(24) دارسًا، وحلقات في جمعية الأمير سلطان الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالأسطول الشرقي بالجبيل لعدد عشرين دارسًا، كما ترعى الجمعية برنامج تخريج الحافظات المقام في مدرسة خديجة بنت خويلد بالجبيل البلد لتخريج (36) حافظة للقرآن كاملاً خلال ثلاث سنوات، كما تقيم الجمعية العديد من المراكز الصيفية، فقد بلغ عدد الذين التحقوا بهذه المراكز الصيف العام الماضي (475) طالبًا، و(1179) طالبة.. كما تقيم الجمعية العديد من الدورات على مدار العام الدراسي ومنها:
الدورات الصيفية المكثفة يدرس فيها (523) دارسًا، ختم القرآن فيها (27) حافظًا. كما تقيم دورات في التجويد واللغة العربية وتطوير المعلمين وتصحيح التلاوة لـ(249) دارسًا.. كما تقيم المدارس النسائية دورات في التجويد والحفظ المكثف والتلقين وأعداد المعلمات يستفيد منها 1120 دارسة.
أما عن الخطط المستقبلية للجمعية فإن الجمعية تهدف في خطتها المستقبلية إلى ما يلي:
إقامة حلقات تحفيظ القرآن الكريم في نسبة تتجاوز 80 في المئة من مساجد محافظة الجبيل، وضم معظم طلاب مدارس التعليم العام إلى حلق تحفيظ القرآن الكريم، وتخريج ما لا يقل عن 160 حافظًا وحافظة خلال السنوات الخمس القادمة، وتحقيق ما نسبته 70 في المئة من إيرادات الجمعية عن طريق الدخل المستمر من خلال الوقف الدائم أو الاستثمار طويل الأجل، أما عن تقويم أداء الجمعية خلال السنوات الخمس الماضية فإن الجمعية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها المنشودة وفق خطط إستراتيجية ثابتة ومدروسة..
أما عن مدى التفاعل بين الجمعية وأولياء أمور الطلاب، فإن الجمعية تسعى إلى تقوية أواصر العلاقات ومد جسور التواصل مع أولياء الأمور من خلال إقامة حفلات التكريم الدائمة للطلاب المتميزين في الحلقات بحضور أولياء أمورهم.
* كيف يمكن أن نجعل من حافظ القرآن الكريم داعية إلى الله وموجهًا ومرشدًا وخصوصًا في محيط الناشئة والشباب؟
- لا شك أن حافظ القرآن الكريم أهل لحمل أمانة الدعوة إلى كتاب الله عزّ وجلّ ولكن لا بد من تهيئته للقيام بهذا العبء ومما يساعد حافظ القرآن ليكون داعية إلى الله ما يلي:
حثّ مدارس التحفيظ والجمعيات القائمة عليه على الاهتمام بأمور التربية العلمية والعملية، وجعل ذلك من مقاييس تقيمهم، وإعداد منهج تربوي متكامل بمساعدة أهل الاختصاص وتعميمه على جميع حلق ومدارس تحفيظ القرآن لتطبيقه، واستهداف حلق التحفيظ والمدارس النسائية لتحفيظ القرآن الكريم بالمحاضرات والدورات والندوات التي تستهدف تنمية معاني المسؤولية في قلوب الحفظة تجاه مجتمعهم، وإخضاع الحفظة لدورة شرعية عن أهمية الدعوة إلى الله وجعل حضورها من شروط الحصول على شهادة الجمعية.
* يلاحظ المتابعون أن العديد من المسابقات تنظم في حفظ كتاب الله الكريم إن على المستوى الداخلي أم على المستوى الدولي في الوقت الذي لا نجد فيه مسابقات تختص بالسنّة النبوية - المصدر الثاني للتشريع الإسلامي وخصوصًا أن هذه السنّة تتعرض في السنوات الماضية إلى حملة شرسة وهوجاء تطعن وتشكك فيها، بل وفي سيرة المصطفى - عليه الصلاة والسلام - إلى ما تعزون ذلك، وما مقترحاتكم حول تنظيم مسابقة دولية في السنّة والسيرة النبوية لناشئة وشباب الأمة الإسلامية، وأطر وآليات تحقيق ذلك؟
- هناك بعض المسابقات المتخصصة في السنّة النبوية وبحوثها في المملكة العربية السعودية، وفي مقدمتها مسابقة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - حفظه الله-، ولكن تبقى هذه المسابقات المتخصصة في مجال السنّة النبوية قليلة إذا ما قُورنت بمسابقات القرآن الكريم، ولعلنا في حاجة ماسة إلى إقامة مسابقة دولية متخصصة في السنّة وبحوثها بتنظيم من الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ورعاية كريمة من ولاة الأمر في المملكة حفظهم الله ورعاهم وسدد خطاهم.
أما عن الأطر والآلية لإقامة مثل هذه المسابقة فهي:
إن تكون المسابقة على خمسة مستويات كما في مسابقات القرآن الكريم، وأن ترصد لها مكافأة مالية محفزة للمشاركين، حيث إن حفظ الأحاديث وأسانيدها يحتاج إلى جهد مضاعف، وأن يتم الإعلان عن المسابقة في وقت مبكر حتى يتمكن المشاركون من حفظ الأحاديث المطلوبة ومراجعتها، وأن يتم تشكيل حلقات في المساجد لمراجعة ومتابعة هؤلاء المشاركين.
* يتعرض ناشئة وشباب الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر إلى حملة شرسة من الأعداء تستهدف عقيدتهم ودينهم وأخلاقهم من خلال بث ونشر الأفكار الهدامة، والآراء المنحرفة، كيف نحمي هؤلاء الناشئة والشباب ونقوى عزائهم بالقرآن الكريم وبالسيرة النبوية المطهرة لمواجهة تلك الحملات والأفكار؟
- إن حفظ شباب وناشئة هذه الأمة في الوقت الحاضر الذي يتعرضون فيه إلى هذه الهجمة الشرسة التي تستهدف عقيدتهم ودينهم وأخلاقهم من قبل أعداء هذا الدين والمغرضين مستخدمين في ذلك كافة وسائلهم المرئية والمسموعة والمقروءة، فلم يتركوا سبيلاً إلا سلكوه، ولا بابًا إلا طرقوه.
وحماية شباب الأمة وناشئتها من هؤلاء يحتاج إلى عدة أمور منها:
استغلال القنوات الفضائية بتكثيف البرامج الموجهة للشباب على أن تكون برامج هادفة ومشوقة، وإنشاء قنوات خاصة موجهة لهؤلاء الشباب، وهذا ما تفتقر إليه الساحة الإعلامية، وإنشاء محطة إذاعية خاصة لجيل الشباب ترد على هذه الأفكار الهدامة وتفند بطلانها، كما أن الإنترنت مجال مفتوح، وميدان واسع، وقد بدأت فيه محاولات لجذب هؤلاء الشباب ودعوتهم، فجزى الله القائمين عليها خيرًا، ولكن ما يزال هناك متسع، وما زال الميدان يحتاج المزيد، ولكن بشرط أن يكون جهدًا منظمًا مدروسًا موجهًا، يقوم على التخطيط الدقيق، وإصدار مجلات إسلامية متخصصة وموجهة لهؤلاء الشباب، وبمشاركات من الشباب أنفسهم، وتكثيف الندوات والمحاضرات الموجهة إلى الشباب في مدارسهم وجامعاتهم التي تهدف إلى تحصين الشباب ضد الأفكار الدخيلة على مجتمعنا، وتوجيه الخطباء في المساجد إلى تكثيف الخطب وعقد اللقاءات والندوات مع كبار المشايخ والدعاة المحببين إلى قلوب الشباب، واستغلال الأندية الرياضية والتجمعات العامة لاستقطاب هؤلاء الشباب والعمل من خلالها على توجيه الشباب الوجهة الصحيحة واستثمار أوقات فراغهم.
* كيف نستثمر تعاليم القرآن وما جاء في السنّة في ترسيخ الوسطية والاعتدال في جوانب الحياة كلّها والتوكيد على أن الوسطية ممارسة وتطبيق تظهر حسن الإسلام وتميزه. إلى جانب معالجة الغلو والتطرف والانحراف الفكري والعقائدي، وما المطلوب من أهل العلم والاختصاص في هذا الشأن؟
- يدعو ديننا الحنيف إلى الاعتدال والوسطية في كل شيء، ويبتعد بالمسلم عن الإفراط والتفريط في الفكر، ولكن لا بد أن نعلم طبيعة المرحلة التي نتعامل معها، إنها مرحلة الشباب، مرحلة الاندفاع وسرعة التأثر بأي فكر موجه، وهذا هو الوتر الذي يضرب عليه أعداؤنا، وبالتالي فإنه يجب على الدعاة وأصحاب الفكر والعلم والاختصاص احتضان هؤلاء الشباب والاقتراب من فكرهم، ومحاولة إقناعهم ببطلان هذه المعتقدات المتطرفة من خلال العمل المنظم والموجه والهادف في المدارس والجامعات والمساجد والنوادي ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، فما أوسع الميدان!
وما أكثر المجالات التي تفتقر إلى هذه الأنشطة المعتدلة المتزنة! واستغلال طاقات هؤلاء الشباب وشغل وقت فراغهم فيما هو مفيد ونافع لهم وللمجتمع، وعدم ترك الميدان لأصحاب هذه الأفكار الهدامة، وعقد ندوات ولقاءات وورش عمل خاصة بالشباب تناقش فيها هذه الأفكار الباطلة والرد عليها وتفنيد بطلانها، كما أن المدارس ميدان رحب يلتحق به الشباب بكافة أعمارهم ذكورًا وإناثًا، وعلى المصلحين والدعاة استثمار هذه البيئة في مواجهة هذا الفكر المنحرف، على أن يبدأ ذلك من الصفوف المبكرة. ونستمر في طرق الأبواب، ولا نيأس، فكما قال الشاعر:
اخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته
ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
* الجمعيات الهيئات الخيرية للتحفيظ تحتاج للدعم المادي والمعنوي لتنفيذ مشروعاتها ما هو في رأيكم الحل المناسب لهذه المشكلة؟
- الدعم المادي هو الوقود الذي يتحرك به هذا العمل، ولكنه يُعدُّ رغم ذلك من العقبات التي تواجه هذا العمل الخيري، بسبب عدم ديمومته، فالتبرعات والاستقطاعات أمر غير مطرد، ولا يمكن الاعتماد عليها اعتمادًا كليًا في دعم هذه الأعمال الخيرية التي تحتاج إلى الاستمرار والثبات، ولا شك أن ولاة الأمر في المملكة لا يألون جهدًا في دعم هذه الجمعيات، ولكن لا بد أن ندر ك أن تعدد الميادين الخيرية، وحاجتها إلى الاستمرار والاستقرار يحتاج إلى دعم ثابت ودائم، وعليه لا بد أن يعمل القائمون على هذه الجمعيات على إقامة الأوقاف الدائمة، التي تدر لهم دخلاً سنويًا ثابتًا، تغطي معظم نفقات هذه الجمعيات، ووضع الخطط الإستراتيجية المستقبلية التي تهدف إلى الاعتماد الكامل بعد الله سبحانه وتعالى على عائدات هذه الأوقاف، والجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الجبيل تسير على هذا المنوال في إقامة الأوقاف الخيرية الدائمة التي تدر عليها دخلاً ثابتًا.