الراصد الإعلامي للمشهد السياسي العراقي يلاحظ ضجيجا صاخبا في الحراك السياسي المتواصل والسريع دون الوصول للهدف المنتظر (تشكيل الحكومة الجديدة) ومع هذا التنافس الحاد
بين الكتل السياسية يسمع أيضاً أنين الشعب العراقي الصابر والذي وحده يستشعر الخطر القادم لوطنه المهدد بالتقسيم العنصري والمذهبي وباتجاه خطوط حدود دولته العراقية بالدمج نحو الداخل لتشكل طوائف وكانتونات متعددة تتقاسم ثرواته الوطنية لتخدم أطماع الأجنبي الساعي لإضعافه وتدمير قواه الدفاعية ليسهل بالتالي التهامه!!
الإخوة الأكراد اشتركوا في المزاد السياسي لبيع أصوات نوابهم للكتلة التي ترفع سعر مطالبهم والتي جاءت أكثر من عدد محافظات العراق الثماني عشرة بمطلب إضافي ليسلخ محافظة كركوك بكل أرضها وشعبها وثرواتها عن الجسد الوطني العراقي وجعلها عاصمة موعودة لإقليم كردستان وقد وصفها السيد مسعود البرزاني (أن كركوك بالنسبة لنا نحن الأكراد مثيلة للقدس بالنسبة للفلسطينيين).
تميزت هذا المدينة العراقية الجميلة والغنية واشتهرت باكتشاف أول حقل بترولي على أرضها عام 1927م وأحدثت الشركة المستكشفة (شركة بترول العراق) (IPC) تغييراً ديموغرافياً في البنية السكانية لهذه المدينة بجلب وتوظيف عدد كبير من العمال المسيحيين والأرمن للعمل لديها لرفض (التركمان) سكانها المسلمين التعاون مع الشركة البريطانية.
وحين مراجعة التاريخ السياسي العراقي الحديث يلاحظ اهتمام الدولة في العهد الملكي باتباع سياسة متوازنة في حركة التنظيم السكاني في العراق فكان جدول توزيع الوظائف المدنية والعسكرية يوزع بشكل يتعاكس مع التمركز العنصري والقومي فأبناء العرب في الجنوب يحولون للعمل في الشمال حيث الأكثرية الكردية والتركمانية والعكس صحيح فتناوب على الإدارة المحلية في الجنوب العربي من العراق قادة وإداريون كرد وتركمان ومن أشهرهم المرحوم سعيد قزاز متصرفاً للبصرة (محافظاً) واللواء غازي الداغستاني (التركماني) آمراً عسكرياً للمنطقة الجنوبية العربية وهكذا عملت شخصيات عربية في الشمال العراقي ذي الأكثرية الكردية وحظي العراق آنذاك باستقرار دائم وسلم اجتماعي ظاهر وبدأ الفكر العنصري والمذهبي بعد 14 تموز بعهد الزعيم عبدالكريم قاسم وإعلان الجمهورية وتصنيف العراق بالقوميات المتآخية العربية والكردية والتركمانية، ومعها بدأ النزاع الكردي العربي في جباله الشمالية بقيادة الملا مصطفى البرزاني الذي دعاه الزعيم قاسم من منفاه في أرمينيا السوفيتية (سابقاً) والمطالبة العسكرية بشمال العراق كنواة للدولة الكردية واشتد هذا النزاع بعهد الرئيس السابق صدام حسين والذي منحهم (الحكم الذاتي) في (11 مارس 1972م على محافظتي (أربيل والسليمانية) وبدأ بحركة ديموغرافية معاكسة في محافظة كركوك لتحسسه بخطط الأكراد لتكثيف عددهم السكاني فيها فشجع حركة (تعريب كركوك) بجلب أعداد كبيرة من عرب الجنوب للعمل في حقولها ومنحهم مزارع عديدة ومكافآت مالية وتعدى ذلك لوضع قانون يمنع تداول بيع العقار والأراضي الزراعية إلا بين العرب!
وجاء الاحتلال الأنكلو - أمريكي بمسودة دستور جديد للعراق أعده اليهودي الأمريكي (عراقي الأصل) (نوح فيلدمان) ورتب مواده بدهاء مستهدفاً تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات شيعية في الوسط والجنوب وسنية في الغرب وكردية في الشمال وجاءت المادة (140) من الدستور تؤكد على ذلك داعية لاستفتاء شعبي في المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والدولة الاتحادية في بغداد ومن أهم وأخطر هذه المناطق (محافظة كركوك) فقد حدث زحف سكاني كردي مخطط للسكن في هذه المحافظة لتغيير ديموغرافية مواطنيها وتثبيت ذلك رسمياً بالمطالبة بالإحصاء السكاني والذي تأجل من عام لآخر منعاً لتفجر هذه الأزمة والمؤثرة على الحياة السياسية في العراق بأكمله.
إنها دعوة لإعادة صياغة الدستور العراقي بما يلغي هذا التقسيم الطائفي والعرقي وتبقى كركوك بشعبها ومستقبلها للوطن العراقي.
ويعيد لشعبه وحدته الوطنية وأن يكون العراق لكل مواطنيه مستقلاً واحداً من شماله لجنوبه ينعم بالأمن والأمان والازدهار.
عضو هيئة الصحفيين السعوديينجمعية الاقتصاد السعودية