تعيش جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الفترة الحالية مرحلة تحوُّل طبيعي من النمط التقليدي (الإيجابي) في الأداء الأكاديمي إلى الأنماط المتعددة الاتجاهات متطلعة إلى نجاحات أكبر، أي الانتقال من العلوم الإنسانية إلى العلوم الطبيعية وتطبيقاتها، وهذا مسار صحي لجامعة سعت خلال سنوات طويلة إلى تغذية ومد المجتمع بالتخصصات الإنسانية والنظرية التي كان المجتمع بحاجة إليها، ومع زيادة عدد السكان وتعدد مصالح ومطالب سوق العمل وتطور التقنيات وجدت جامعة الإمام نفسها أمام الانتقال الآمن إلى مجالات علمية يحتاج إليها المجتمع وفرضها سوق العمل مع البقاء والمحافظة على مسارها الأساسي المعني بالعلوم الإنسانية.. ورغم تلازم المجالين (الإنساني والطبيعي) فقد حققت جامعة الإمام محمد بن سعود مؤخراً المرتبة (601) في التصنيف العالمي (QS) البريطاني على مستوى العالم، والمرتبة (7) عربياً، والمرتبة (301) في البحوث الإنسانية، والمرتبة (166) في مشاركة عدد أعضاء هيئة التدريس الدوليين.
ويُعدُّ هذا هو الإنجاز الأول بالنسبة إلى جامعة الإمام طوال تاريخها، وهو الأمر الذي يضع معالي مدير جامعة الإمام الدكتور سليمان أباالخيل في مواجهة وتحدٍّ جديد لصياغة جامعة الإمام عالمياً.. وتصحيح الصورة الذهنية السائدة داخلياً عنها؛ كونها جامعة تقليدية ونمطية، وأنها تهتم بالإنسانيات واللغويات واللسانيات التي قد تكون حظوظها قليلة في سوق العمل..
أمام د. سليمان أبا الخيل مواجهة أكاديمية قوية للتوسع وإبراز العلوم التطبيقية والطبيعية في الجامعة مثل كليات وأقسام: الطب، والهندسة، والحاسب، واللغات والترجمة الأجنبية واستيعاب الطلاب والتوسع في التخصصات.. كما يحتاج معالي د. سليمان أباالخيل إلى تبني قضايا تتعلق بالإنسان والبيئة مثل التغير المناخي، وموارد المياه، وتعدد مصادرها، والتصحر ومجالات الدراسات البيئية، وأيضاً إحداث حراك أكاديمي باستضافة مؤتمرات دولية وندوات علمية والمزيد من الكراسي البحثية ذات الاتجاه البيئي والهندسي والطبي.
فجامعة الإمام ليست جامعة في الخطوط الخلفية أو في الظل الأكاديمي أو مساندة للجامعات بل هي أحد مرتكزات الجامعات السعودية من حيث عدد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وعدد الكليات والتخصصات؛ وتستحق أن تتقدم الصفوف في العالم الإسلامي، وهي كذلك، وتتقدم الأسماء في الجامعات العالمية، كما تحتاج إلى اكتشاف نفسها ومكامن قوتها، والقدرة على صياغة نتاجها علمياً وإعلامياً، وهو الأمر المتوقع بفضل الله ثم بفضل نهج الاستراتيجية التي تطبق من قِبل القائمين على الجامعة، الذي جعل تصنيفها من ثلاثة أرقام.