بعض المحافظين ورؤساء المراكز من النوع الذي لا يهش ولا ينش، وليس له علاقة بالعمل.. إلا من خلال بعض السويعات القلائل.. وما عدا ذلك فهو مشغول.. ما بين (بعارينه) ومزرعته واستراحته وأموره الشخصية.. وبعضهم يدير تجارة.. ولعل أكثر تجارة هؤلاء (محطات البنزين) وورش السيارات وحظائر الأغنام والإبل وتجارة وبيع (الخلفات).. وبعضهم له إسهام من بعيد في بيع الشعير والعلف.. وبعضهم لديه قلابيات وشياول ونقل التراب والرمل و(الدّفان).. أو لديه كسارة.
ولست هنا لأعمم الحُكْم أبداً؛ فهناك الكثير من المحافظين ورؤساء المراكز قمة في النشاط والحضور والحيوية والعمل الجاد والإخلاص والشعور بالمسؤولية والعطاء الذي لا يتوقف.. ولكن بعضهم غير ذلك.. وإن لم يكن له تجارة تجده مشغولاً بالتسدح في الاستراحات وزرقة بعض المدن والعواصم القريبة آخر الأسبوع.. أو ربما أمضى أسبوعاً أو أسبوعين وهو في حالة زرقة.. وإذا ما سُئل وكيل المحافظ.. أو خوي المركز.. قال: إن سعادة المحافظ أو رئيس المركز (رايح يعالج أمه) أو يزور عمته المريضة أو ما شاكل ذلك من الأعذار السريعة.
وبعضهم لديه جدول بالمفاطيح والعزائم والزيارات.. وهو يدور بين العزائم.. وبعضهم مشغول بعض أيام الأسبوع بمراجعة العاصمة أو بعض المدن.. معقباً ومتابعاً أموره الشخصية.
فكل همّ سعادة المحافظ.. التنقل ما بين مدينة وأخرى لملاحقة وإحراج رجال الأعمال المنتسبين إلى المدينة أو القرية.. وحثهم على التبرع لهذا المشروع أو ذاك.. بل إنه يحمل معه جملة من الأوراق والملفات التي تحوي المشاريع ومقترحات لاحتفالات ومواسم ومناسبات تحتاج إلى ميزانيات ودعم مادي.
وكل همّه إشغال الناس بمثل هذه المناسبات الوهمية.. بينما البلد يحتاج إلى مشاريع وتنمية ومنجزات.. هي أهم من أي شيء آخر.
صحيح أن جميع مدننا بفضل الله أخذت حقها من العطاء والتنمية.. والدولة لم تقصر في شيء.. ولكن المشاريع والمنجزات والعطاءات لا تتوقف.. والاحتياجات مستمرة ومتلاحقة.. والأجيال تتعاقب على استثمار هذه العطاءات، وهكذا.
لماذا لا يكون هناك تقييم دوري للمحافظين ورؤساء المراكز.. فالمسؤول النشط يبقى.. وهذا الكسول يُستبدل بأحسن منه؟
نعم.. هناك محافظون ورؤساء مراكز في قمة النشاط والمسؤولية والحماس.. يعمل ليل نهار.. ولكنَّ هناك آخرين نائمين أو مشغولين في أعمالهم ومصالحهم الخاصة.
وتستطيع أن تحكم على نشاط المحافظ من زيارة المدينة أو القرية.. فعندما تقترب من المدينة يبدو لك الحُكْم ظاهراً من المداخل نفسها.. فهي إما جميلة ومنسقة ورائعة.. أو ربما تستقبلك القراشيع والصنادق والسيارات المصدومة.. وعشش وحظائر الأغنام والإبل.
ومع ذلك.. فكل المحافظين.. النشطاء والكسولين.. لهم المزايا نفسها.. ويتساوون في كل شيء.
ألا يشكّل ذلك إحباطاً للمحافظ النشط.. وتشجيعاً للكسالى؟!