عند الاحتفاء بالقدس (عاصمة الثقافة العربية) في العام الميلادي 2009 ربما استوقف القارئ والباحث تساؤل عن كل ما تحتويه هذه العاصمة المقدسة (القدس) وما تضمه من صروح ثقافية وتراثية، وقد وفقت بحمد الله إلى إعداد بحث عن القدس ثم صدر في كتاب بعنوان (القدس ذاكرة الماضي ورؤى المستقبل) تناول أشتاتاً مما تعنيه هذه المدينة المقدسة في وجدان المسلمين وما تتعرض له من الصهاينة من هدم وتخريب وتغيير لملامحها، ومن ذلك مساجدها ومكتباتها ومعالمها، وأوقافها وفي زيارة في الشهر الماضي إلى «المدينة المنورة» قمت بزيارة عابرة إلى «مكتبة الحرم النبوي الشريف» فابتهجت بما تضمه تلك المكتبة من مصادر ومراجع قيمة، عن مكة المكرمة والمدينة المنورة، والقدس، وتذكرت مسألة الأوقاف، وما تعنيه في سبيل العناية بمباني المسجد الأقصى وقبة الصخرة وما حولهما، ومدى أهمية رعايتها والعناية بها، ولما يضمه جهاز «الإنترنت» من معلومات مكثفة عن القدس إلا أن رصدها واستقطابها يقتضي التفصيل في تناول كل موضوع في حقل الاختصاص الذي يرغبه الباحث، والمكتبات هي نافذة الوعي للإطلاع على كل اهتمام.
لاحظت أن من أهم المكتبات في القدس ما يلي:
أولاً: خزانة آل النحوي في صفد تلك المكتبة العامرة المليئة بالكتب المهمة والنادرة.
ولقد سجل أهل هذه المكتبة صورة رائعة في الحفاظ على هذا الإرث الثمين، فقد كتب الأديب عدنان بن علي رضا النحوي ما نصه (يروي لي ابن عمي حامد بن الشيخ القاضي أحمد النحوي أنه زار المكتبة أحد رجال الصحافة من مصر ووجد فيها مخطوطا طلب شراءه ودفع مبلغاً عالياً ثم أخذ يزيد في المبلغ ولكن العائلة رفضت بيعه مهما ارتفع الثمن).
ثانياً : المكتبة البديرية: تقع بالقرب من باب الناظر، أحد أبواب المسجد الأقصى.
ويرجع الفضل في تأسيسها إلى الشيخ محمد البديري المقدسي، أحد علماء بيت المقدس، وقد سلم من مخطوطاتها ما يبلغ عدده اليوم نحو ألف مخطوطة.
ثالثاً : مكتبة الشيخ علي بدر الدين الخطيب: تحتوي هذه المكتبة على مائة مخطوطة.
رابعاً : مكتبة كلية الدعوة وأصول الدين - جامعة القدس: تحتوي هذه المكتبة على ثمانية عشر مخطوطة.
وفي نطاق البحث عن أوقاف القدس وتناولها يقتضي الأمر الرجوع إلى مرجعيات رسمية وكتب موثقة في عصور مختلفة، وقد عثرت في (معرض الكتاب الدولي بالقاهرة) للعام 2009م على كتاب مرجعي قيم للأستاذ الدكتور مصطفى عبدالغني بعنوان: (الأوقاف على القدس) يتناول فيه أوقاف القدس بالتفصيل، وفي ذلك يقول:
كما كان للمسلمين أوقاف معروفة، كذلك كان لأهل الذمة أوقاف، فالصهاينة الذين يحاولون الآن الاستحواذ على كل شيء والانقضاض على ما تبقى من الأراضي والأوقاف لا يهمهم من أهل الذمة غير ما يملكون.
اقتراح:
ولأهمية توثيق (مكتبات القدس وأوقافه) أقدم اقتراحا إلى (دارة الملك عبدالعزيز) يعني بهذا التوثيق في نطاق اهتمامها بتوثيق مكتبات المدينتين المقدستين (مكة المكرمة والمدينة المنورة) وأوقافهما وتكثيف الاهتمام بهذا الشأن لأهميته، وضرورة توعية الناس به وإبرازه لمعرفة ما يتعلق به وتسليط الضوء عليه من ضمن الأهمية وتوثيقها، كما أرجو أن تعني (الهيئة العامة للأوقاف) التي صدر الأمر السامي الكريم بإنشائها حديثا بالعناية في أول اهتماماتها بتوثيق أوقاف المدن المقدسة (مكة المكرمة والمدينة المنورة، والقدس) وقد أعدت دراسات وبحوث عن تلك الأوقاف، إلا أن المكتبات الخاصة بها بحاجة إلى توثيق لأن بعضها يعد من الأوقاف التي لا يخفى شأنها وأهميتها لدى الاختصاصيين، وسوف أتطرق إلى ذلك بشيء من التفصيل -بإذن الله- عند الحديث عن المؤسسة الضخمة الحديثة (مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - الخيرية الإنسانية).
والله ولي التوفيق