من يستحضر في ذهنه ما كانت أرجاء الوطن عليه من خوف وفقر وجوع وجهل وظلم وتناحر لا يخفى على أحد، وما نحن عليه اليوم من أمن واستقرار وخير وعدل وعلم وتكاتف يعلم علم اليقين أن كل هذا بفضل الله جل شأنه ثم بفضل الملك المؤسس الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن الذي هو أكبر من الحديث عنه بتاريخه ومجده وبطولاته وتضحياته وإنجازاته حتى جعل من المحال واقعا، ووحد فرقة الناس وتشتت أراضيهم في وطن واحد وشعب واحد تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله- طيب الله ثراه- ثم أبناؤه الملوك من بعده إلى عصرنا الزاهر في ظل ولاة الأمر الكرام أطال الله عمرهم وأدام عزهم.
يقول الأديب الكبير أحمد عطار- رحمه الله- في كتابه (صقر الجزيرة): (لم يجتمع لأحد من حكام العرب وقوادهم ما اجتمع لابن سعود من الصفات الفاضلة والحنكة والدراية والأخلاق التي جعلته أهلاً للقيادة الحكيمة المظفرة، فهو بحق القائد العربي الأول الذي دان له كل جبار عنيد رغبة ورهبة، كما دان له كل مسالم رفيق، وأعجب به العدو والصديق وقدره القريب والبعيد، وليس الإعجاب به مقصوراً على أتباعه وأهل لغته ودينه بل يتجاوزهم إلى بني الإنسان من كل لغة ودين وجنس).
وقال الدكتور محمد بن ناصر الشثري في رسالة الدكتوراه عن الملك عبد العزيز بعنوان (الدعوة في عهد الملك عبد العزيز): (وطبق الملك عبد العزيز سياسة الباب المفتوح بمعناه الصحيح، حتى تشعر وكأنك في عهد الخلفاء الراشدين، فقد كتب منشوراً، وعلقه بالحرم النبوي الشريف جاء فيه:(من عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود، إلى شعب الجزيرة العربية، على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلماً وقع عليه، أن يتقدم بالشكوى، وعلى كل من يتقدم بالشكوى، أن يبعث بها بطريق البرق، أو البريد المجاني على نفقتنا، وعلى كل موظف بالبريد، أن يتقبل الشكاوى من رعيتنا ولو كانت موجهة ضد أولادي، أو أحفادي، أو أهل بيتي لا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم، ولا أريد أن يحملني الله وزر أحد، أو عدم نجدة مظلوم، أو استخلاص حق مهضوم، ألا قد بلغت اللهم فاشهد).