Thursday  30/09/2010 Issue 13881

الخميس 21 شوال 1431  العدد  13881

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

اليوم الوطني.. المعاني والقيم
د. عبد الله بن عبد الرحمن الشثري

 

اليوم الوطني يذكِّرنا بنعمة الله علينا في اجتماع الكلمة وتآلف القلوب في ظل قيادة حكيمة تنطلق من مبادئ الإسلام ومناهجه الواضحة ووسطيته العظيمة، والإنسان حين يتذكَّر نعمة الله عليه بهذا الاجتماع في هذا البلد الآمن الذي يُعد وطن الإسلام الأول، فإنه يزداد إيمانه بربه وتقوى صلته بخالقه ويعرف فضل الله عليه، والله - تعالى - قد ذكَّر عباده بنعمه عليهم في آيات متعددة ليقوموا بشكره وعبادته، فقال - سبحانه -: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً...} الآية، فهو - سبحانه - الذي ألَّف بين القلوب وجمعها بعد الفرقة، وكان الأنبياء - عليهم السلام - يذكّرون أقوامهم بنعم الله عليهم كما في قوله - سبحانه -: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ}، وقال - تعالى -: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ}، فموسى - عليه السلام - يذكِّر قومه بنعم الله عليهم، قال ابن كثير في التفسير: أي بأياديه ونعمه عليهم في إخراجه إياهم من أسر فرعون وقهره وظلمه وغشمه وإنجائه إياهم من عدوهم وفلقه لهم البحر وتظليله إياهم بالغمام وإنزاله عليهم المن والسلوى إلى غير ذلك من النعم أ.هـ.

فنحن في هذا اليوم الوطني نتذكر نعمة الله علينا بهذا الاجتماع والائتلاف.. بذلك العمل الجهادي البطولي الذي قام به المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في الذب عن دينه وحماية بلاده وحفظ شعبه.. وقد علم الله منه صدق النية وحسن الطوية فكتب له التوفيق والقبول.. وسخَّر له الأسباب والوسائل لتحقيق أهدافه ومقاصده مع قلة العدد وقلة ذات اليد.. فنصر الله به الدين وأظهر الله به السنة وحمى به الديار وحفظ به العباد.. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وقد جمع الله في شخصية الملك عبدالعزيز صفات الرجل الكامل من العبادة والعلم والزهد والحكمة والشجاعة والرفق والحلم والكرم ورجاحة العقل وقوة السياسة وحسن التدبير إلى آخر تلك الخلال التي لازمته في حياته، فوحّد الله به البلاد وجمع الله على يديه قلوب العباد حتى عرف الناس له ذلك.. وحتى عرف ذلك المستشرقون الذين تعرضوا للكتابة عن العرب والإسلام.. وعن الجزيرة العربية على وجه الخصوص، وهو - رحمه الله - يستحق كل ذلك بحق وجدارة، ولا سيما في الأوقات العصيبة التي تزيد هذا الملك حباً ودعاءً وتقديراً كلما تفاقمت الأمور واشتدت الأحوال.وكلٌ يعلم.. ولا أحد ينكر أن المملكة العربية السعودية هي البلاد التي حافظت على حِمى الإسلام وتمسكت به على المنهج الصحيح الذي كان عليه الصحابة.. ومن بعدهم من سلف الأمة.. ولا تزال على هذا النهج - حرسها الله -.. وقد سجل لها التاريخ ثباتها ووثباتها القوية الدائبة إلى الرقي والكمال لعز الإسلام ورفعة المسلمين.

ثم توالت عطاءات الخير والتمكين بعد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في أبنائه الملوك البررة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد - رحمهم الله جميعاً - الذين قاموا بواجبهم نحو دينهم وبلادهم وشعبهم وواصلوا مسيرة النهوض والتقدم، والتمكين، وحقق الله على أيديهم خيراً عظيماً للبلاد وأهلها خصوصاً وللمسلمين عموماً بما حباهم الله من النعم ومن أعظمها وأجلها وأشرفها نعمة الإسلام والتوحيد الخالص وإخلاص العبادة لله والهداية إلى الصراط المستقيم وخدمة الحرمين الشريفين ورعاية الحجاج والمعتمرين والقاصدين لبيت الله الحرام، وفتح الله على البلاد والعباد بسبب جهودهم وأعمالهم وإخلاصهم وصلاح نياتهم خيرات كثيرة ومتعددة.ثم جاء العهد الزاهر عهد العلم والمعرفة والاقتصاد والتنمية والتطور والنهوض.. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك الهمام عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي واصل المسيرة في خدمة الدين وحفظ البلاد ورعاية مصالح العباد وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد ونصرة قضايا المسلمين في كل مكان كان آخرها تلك المواقف الإغاثية المشرفة في موقف إنساني لإخواننا في باكستان الذين أصابتهم كوارث السيول، وخلال مدة توليه - حفظه الله - تقدمت المملكة في مجالات متعددة.. وخطت خطوات كبيرة.. ونهضت نهضة واسعة في كل مجالات الحياة في المحافظة على القيم والمبادئ والأخلاق والسلوك وقام - حفظه الله - بتوسيع دائرة التواصل والترابط بين أفراد المجتمع في المملكة.. ويتضح ذلك في تلك الأوامر الكريمة الصادرة في كل مرافق الدولة.. سواء كان ذلك في مجال التعليم والصحة.. أو في مجال الاقتصاد والتنمية أو الأمن والمواصلات أو الحوارات الهادفة، إلى غير ذلك مما يحتاجه المواطن في البلاد، فلله الحمد والمنة على هذه النعم المتوالية. وكان آخر الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين إنشاء مؤسسة عالمية للأعمال الخيرية والإنسانية باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي تُعد امتداداً لعطاءاته واهتماماته المتواصلة بالإسلام والمسلمين.

إن اليوم الوطني يأتي ليجسد علاقة المجتمع السعودي بعضه ببعض ليكون يداً واحدة في كل من يريد المساس بالوطن وأمنه أو الاعتداء على أهله ومقدراته، وقد حبانا الله في هذه البلاد بمميزات وخصوصيات لا توجد عند غيرنا وهي خدمة الحرمين الشريفين ورعايتهما والقيام بشؤونهما وخدمة قاصديهما، فهذا شرف للقيادة والشعب لا يُدانيه شرف، كما أننا في هذه البلاد نعيش في وسطية الإسلام التي لا إفراط فيها ولا تفريط من القيام بالواجبات وإظهار الشعائر والعبادات وأداء الحقوق والأمانات.. وهذا من أجل النعم وأفضلها.. فبلادنا تُعد وطن الإسلام الأول وقلعة التوحيد ومتنزل الوحي والرسالات ومنطلق الدعوة إلى الله ومأوى أفئدة المسلمين.

وإن نعمة التوحيد ونعمة الاجتماع عليه والتكاتف وتآلف القلوب تُذكِّرنا بفضل الله عليه ونعمه المتوالية مما يزيدنا ذلك عبادة لله وثباتاً واستقراراً وشكراً لخالقنا ومولانا، واليوم الوطني يوم يذكرنا بكل هذه النعم، أدامها الله علينا وعلى المسلمين.

وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة