تمرُّ علينا هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا جميعًا؛ كي نُسجِّل فخرنا واعتزازنا بالمنجزات الحضارية الفريدة، كما نستلهم منها العِبَر والدروس من مسيرة القائد الفذ الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه - الذي استطاع بحنكته وإيمانه الراسخ بالله أن يضع قواعد هذا البناء الشامخ ويشيد منطلقاته وثوابته، التي ما زلنا نقتبس منها ونستشرف بها ملامح ما نتطلع إليه في الغد من الرقي والتقدم بإذن الله، والذي جمع شتات هذه الأمة ودعاها إلى التآخي والتلاحم؛ كي تأخذ هذه البلاد موقعها الريادي باعتبارها بلاد الحرمين ومهوى أفئدة المسلمين في كل بقاع المعمورة.
اليوم الوطني ذكرى غالية ومحببة إلى كل نفس، وتسكن في كل فؤاد، وقد مكَّن الله - عزَّ وجلَّ - الملك عبدالعزيز من أن يرسي قواعد الوحدة الوطنية والتوحيد ويؤسس هذا الكيان والصرح الشامخ على أساس من الإيمان حتى أصبحت المملكة نموذجًا رائعًا ومثلاً للوحدة الوطنية، كما أسفر الكفاح الطويل الذي قام به عن قيام دولة موحدة تنعم بالأمن والعدل والاستقرار، وعندما انتقل القائد الموحد إلى الرفيق الأعلى ترك وراءه بناء راسخا وبلادا ترنو إلى مستقبل أكثر إشراقا، في أيد أمينة، ولم يكن أبناؤه البررة أقل حبا وإخلاصا لهذا الشعب ولهذا الوطن العزيز؛ فقد استمروا على نهجه الحكيم في مسيرة البناء، وأحبوا الوطن والمواطن؛ فبادلهم المواطنون حبا بحب؛ ما ساهم في هذه النقلة النوعية من حياة البداوة إلى الحياة العصرية. وقد غرس رحمه الله أساسيات العدل وحب الخير للناس في قلوب أبنائه؛ فأصبح التكاتف والتعاضد مع القيادة سمة من سمات هذا الشعب. وإذا أردنا الحديث عن بعض نواحي التطور في بلادنا فيكفي أن نشير إلى التوسعة التاريخية الكبرى للحرمين الشريفين. أما في مجال التعليم وتطوير الموارد البشرية فقد تعاملت حكومتنا الرشيدة مع الإنسان على أنه ركيزة التنمية وهدفها، وهو الاستثمار الأنفع والثروة الأهم والأبقى. ولتطبيق هذا التوجه نجد أنه أُقيمت آلاف المدارس في القرى والهجر والمدن، وانتشرت في ربوع الوطن الجامعات التي تعمل على نماء هذا الوطن وازدهاره، والتي بلغت 35 جامعة حكومية وأهلية، وهذا مؤشر لما يوليه ملك الإنسانية وقائد الإصلاح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد لعزيز، فضلاً عن عنايته بالطلاب المبتعثين والمنح الدراسية وتحمل الدولة 50 % من رسوم الجامعات الأهلية. وعلى الصعيد الاقتصادي نجحت حكومتنا في زيادة عدد المصانع؛ حيث انتشرت المدن الصناعية، وتم إنشاء مشاريع زراعية، وحققت في هذين المجالين نموا كبيرا؛ إذ دخلت منتجاتها كل بيت. أما في مجال الصحة فقد تم إنشاء المئات من المستشفيات في جميع مناطق المملكة ومدنها، إضافة إلى آلاف المراكز الصحية. وما نعيشه اليوم وننعم به من استقرار ورخاء وأمان ونهضة تنموية شاملة في جميع مناحي حياتنا الاجتماعية والفكرية والانفتاح الاقتصادي ما هو إلا امتداد لما أرسى قواعده المؤسس رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أبارك لحكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - أيده الله - وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز والنائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز وإلى الشعب السعودي الوفي بهذا اليوم العزيز على قلوبنا جميعا، وأرجو الله العلي القدير أن يعيده علينا كل عام ونحن نرفل بأثواب الصحة والعافية والمزيد من الخير والبركات.. إنه على كل شيء قدير.
* عضو مجلس منطقة القصيم