من إصدارات مركز حمد الجاسر الثقافي صدر كتاب (إطلالة حول العالم) للأستاذ سعد البواردي وهو من كتب الرحلات؛ حيث سجل الكاتب انطباعاته ومشاهداته لعدد من الدول التي زارها في أوقات مختلفة.. وقد تميز بقدر كبير من البراعة في التصوير والدقة في السرد والعرض..
وقال المؤلف أ. سعد البواردي في مقدمة الكتاب: لكي تعرف أي موقع أنت.. وأي واقع أنت يجب أن تشد الرحال لتعبر إلى عالم الغير متفحصاً مشخصاً.. مقارناً بين أرضية عشت عليها وانطلقت منها إلى أرضية ثانية ذات سمات مختلفة وحياة مختلفة أيضاً.
وهذا يعني أن عليك أن تعبر وأن تنظر ثم ترصد وفق إمكانياتك ما أمكن جمعه من معلومات قد تكون متعمقة، وقد تكون سريعة خاطفة وفق ما يسمح به الوقت.
وسجل الكاتب انطباعاته ومشاهداته وشبهها بلقطات خاطفة لعالم كبير كبير يضج بالحركة والحياة.
وقد زار الكاتب دولا عديدة منها: النمسا وفرنسا والمانيا وبريطانيا وسويسرا وهولندا وايطاليا والسويد وتركيا وأمركيا وماليزيا.
وقال عند زيارته لباريس: متحف الشمع في باريس، والذي مضى على إنشائه مائة عام، يمثل رصداً تاريخياً لكبار قادة العالم وعباقرته.
وأنت تعبر نهر السين في نزهة نهرية تحس كأنك تعبر التاريخ الفرنسي بكل مشاهده وشواهده.. وأن ضفتي النهر تهمسان في أذنك مع كل خطوة تخطوها.. أن فرنسا القديمة هي نفسها فرنسا الحديثة بحفاظها على ماضيها وعلى تجسيدها لتراثها وعلى تحريك عجلة حياتها من منظور أن الإنسان أمس ويوم وغد.
وعن زيارته لولاية بينانج في ماليزيا قال المؤلف: يطلق عليها جوهرة الشرق تجمع في تضاريسها وتكوينها الجغرافي بين المرتفعات الخضراء والسهول الممرعة والشواطئ المحاذية للمحيط الهندي.. وتجمع مبانيها بين الأثرية التاريخية والعصرية.. أسواقها الشعبية تذكرنا إلى حد ما بأسواق البطحاء في الرياض إلى جانب أسواق تجارية كبيرة كأسواق العليا.
وعن رحلته إلى أمريكا قال: أ. البواردي: مع أول خيوط الرحلة كنا في سباق مع الدورة الكروية للأرض حول الشمس.
تحركت في الجو زهاء 18 ساعة ما بين محطة الرحيل إلى محطة الوصول الأولى ما بين القاهرة ومدينة بوسطن تخللتها بعض محطات انتظار قصيرة في اثينا وروما.. وعلى امتداد هذه المساحة من الوقت كانت الشمس معنا أو كنا مع الشمس لم تغرب عن عيوننا لحظة واحدة.. عشناها وعايشناها زهاء ثلاث وعشرين ساعة هي مسافة الرحلة كاملة.. ما بين القاهرة ولوس انجلوس.. أي قرابة يوم وليلة دون ليل.. دون أن يختفي قرصها اللاهب وأشعتها المتوهجة طوال هذه الفترة كنا معلقين بين السماء والأرض نسامر الضباب الكثيف من حولنا ونتطلع إلى عباب البحر البعيد الممتد من تحتنا.. أما اليابسة فلا نكاد نلحظ منها إلا بقع خضراء سرعان ما تتوارى من خلف الستار الأبيض السماوي.
مدينة لوس انجلوس تستغرق مساحة واسعة من الأرض، يحتضنها البحر وتحيطها جبال خضراء متوسطة الارتفاع وأنت تجتاز شوارعها تحس بأنك تجتاز مرتفعاً يحط بك إلى سهل يأخذك الى مرتفع.
تشدك المدينة بنظافتها وطرقاتها وجمال طبيعتها وهدوئها النسبي رغم ضخامتها؛ فامتدادها الطبيعي امتص كثافة سكانها حتى لا تكاد تشعر بضيق الازدحام.