قبل عقد من الزمن كان المدير الإقليمي لإحدى الخطوط الجوية في إحدى دول الخليج يردُّ عليَّ متحسراً أو حاسداً أو لنقل متمنياً أن تصل شركته الجوية إلى مستوى الخطوط الجوية السعودية، قائلاً إن طائرات الخطوط السعودية لا يمكن أن تقلع دون أن تكون جميع مقاعدها مشغولة، سواء كان الإقلاع من بلدها أو من البلدان الأخرى التي تسير إليها الخطوط، ولو أُحسنت إدارة الشركة وإعادة تشغيل الطائرات أوقات المواسم، وتحويلها إلى المحطات التي تشهد كثافة من السعوديين، لأصبحت شركة الخطوط السعودية أكثر الشركات في مجال الطيران ربحاً؛ لأن طائراتها جديدة، والسعوديون دائماً يملؤون مقاعدها، كما أن مواسم العمرة والحج وإجازات العيد تجعل أية شركة طيران شركة رابحة..
هذا القول قبل عقد من الزمن، والآن شركة الطيران التي كان مديرها الإقليمي يحدثني أصبحت متقدمة في التصنيف، الذي تضعه مؤسسات قياس جودة شركات الطيران، على تصنيف شركة الخطوط السعودية.
أيضاً بدأنا نشهد تراجعاً كبيراً في خدمات الشركة السعودية، وبدأت تفقد ركابها في محطات عديدة، ومنهم الركاب السعوديون، وحتى في المحطات السعودية، بعد أن نشطت الشركات المنافسة وحسّنت من خدماتها، وجدّدت طائراتها، وغطّت المحطات في المدن السعودية التي عجزت الخطوط السعودية عن تغطيتها، وفرضت شركات الطيران الأخرى أسعاراً مثل أسعار الخطوط السعودية، وربما أقل.
الآن المواطنون السعوديون الذين يقضون إجازاتهم في مصر عالقون في القاهرة والإسكندرية وشرم الشيخ، ولا يستطيعون العودة، خاصة إلى الرياض وجدة والشرقية؛ الأمر الذي سيؤدي إلى عدم تمكنهم من مباشرة أعمالهم في القطاعَيْن الحكومي والخاص.
هذه الحالة تتكرر كل عام رغم أن شركة مصر للطيران قد حاولت التخفيف من حدتها بعد أن زادت عدد رحلاتها بين بعض المدن المصرية والسعودية، وفتحت خطوطاً جديدة، خاصة إلى مطارَيْ القصيم الإقليمي والمدينة المنورة، وقد أراحت الشركة المصرية الركاب السعوديين، واستفادت هي الأخرى، خاصة بعد توجُّه الركاب السعوديين إلى هذه الشركة التي حسَّنت كثيراً من خدماتها وجدَّدت طائراتها، فيما تراجعت الخدمة وكثرت أعطال الخطوط السعودية التي كان يُضرب بها المثل؛ فتقدمت شركات الطيران الأخرى، وتراجعت شركتنا الوطنية، والمواطنون يعانون من هذا التراجع.
jaser@al-jazirah.com.sa