كتب - فهد الشويعر
خرجت الدراما السعودية هذه السنة بانتصارات لا حيلة لنا إلا أن نباركها ونشد على أيدي القائمين عليها بكل حب وتقدير وقناعة.
لا ننكر أن أخطاء حدثت، لكن هذه الأخطاء لا تُلغي أبدًا هذا الجهد الكبير الذي بذل ويبذل، ولا ننكر أن الأخطاء (تقلصت) بشكل واضح وتم الاستفادة من العثرات السابقة، في الوقت الذي شهدت فيه الدراما المحلية خطوات (واسعة) للأمام.
يقولون: إن (زامر الحي لا يطرب)، وهذا عيبنا صحافة وجمهورًا بالرغم من أننا نلتهم أعمالنا السعودية بنهم شديد، ومتابعة (دقيقة) كل يوم، لكننا نلغي هذه الجهود وهذا التعب بجرة قلم.
ناقشت الدراما السعودية هذه السنة موضوعات شتّى اهتم لها المواطن وتناغمت معه ولم تغرّد بعيدًا عن ألمه أو ابتسامته أو همومه ومطالبه، بل كانت (الدراما) جريئة في تناولها لقضايا ابن جلدتها، ولا نكذب إذا قلنا: إن سنة الدراما السعودية هذا العام كانت هي الأجرأ على مدار السنوات الماضية بعد أن كانت (خجولة) وخائفة من هذا وذاك.
الدراما السعودية ليست مثل قريناتها في التعاطي مع القضايا بطريقة فجَّة وحسابات معقدة وشخصنة، بل إن هذه الحسابات لم تكن (مؤدلجة) لصالح جهة ضد أخرى، وهي حقيقة يجب علينا الاعتراف بها، تُضحك ليضحك الجمهور وتتطرق لقضايا يعرفها كل المشاهدين وتلامس همومهم.
لست متحدثًا باسم المنتجين أو الممثلين لكنني أكتب بصفتي مراقبًا، أعرف ما يدور في الكواليس وعلى خشبة (العرض)، بالرغم من أن هناك من المنتجين السعوديين (الفاشلين) ومثلهم من الفنانين وأنا برئ منهم.
مشكلتنا هنا أن (أفلاطونيين) في رغباتنا وتنظيرنا، فمثلاً تجد بعضًا منّا ينتقد هذا المسلسل لتطرقه لقضية ما، وتجده يتحدث وكأنه الرئيس التنفيذي للإصلاح بينما يمارس ما يعارضه كل يوم، وبعضنا للأسف يتحسس من الدراما السعودية ويراها (بأنفه) بينما هو ذائب ومستمتع بدراما أخرى تضج بالإسفاف والانحلال، ويفعل ذلك حتى نتوهم بأنه مثقف ومطلع وحتى نحسده على (أنفه).
لا أنكر أن الدراما السعودية شهدت أخطاء بالجملة، ولا أنكر بأنها ما زالت تعاني من هشاشة في بنائها الأساسي ناحية الإنتاج وكتّاب القصة والسيناريست والمخرجين والفنانين والفنانات والأهم من ذلك القاعدة الجماهيرية، لكنها في المقابل تحاول المضي قدمًا وسط أمواج المنافسة، فتتوقف حينًا وتتراجع حينًا وتتقدم أحيانًا لكنّنا مكسّرون لمجاديفها، ومحطمون لآمالها في كل الأحيان. ألا تستحق منّا الدراما السعودية لفتة شكر على ما قدمته في الفترة الماضية، مثلما نفعل مع الغناء الذي يتسيد أبطاله جماهيرية الوطن العربي، بينما لا أحد يعرف من الدراما السعودية خارج الحدود سوى اثنين أو ثلاثة وفي مناطق محدودة (جدًا).
أعود للقول بأن الدراما السعودية هذه السنة قد تجاوزت نفسها منذ مدة طويلة وتجاوزت أيضًا معاول الهدم التي ما انفكت تضرب بها كل عام وتكيل لها (الأخطاء) واحدة تلو الأخرى، وحققت تقدمًا يجب الاعتراف به، والمصادقة عليه.