اصدقني القول: وأجبني كم مرة تنهدت بحسرة وصورتك تعكسها مرآة تقف أمامها وأنت ممسك بكرشك أو تدقق في حجم فمك أو غرابك أنفك؟.
ثم كم مرة كاد وجهك أن يتشقق من فرط.....
.....ابتسامة غطته وأنت تسمع زوجتك -أو أي شخص آخر- تقول بكل ما يعبر عن صدقها أنك أوسم وأرق وأكرم رجل على وجه هذه الأرض، على الرغم من قناعتك أنها تعارض الحقيقة التي تعرفها أنت عن نفسك؟.
وكم مرة وأنت تتابع القنوات الفضائية، ظهرت أمامك تلك المرأة التي عصرت كل مشاعرك، لكنك لسبب ما قد يكون أضعفها تغطية ما شعرت به، قلت لزوجتك أنها أجمل منها، بل وأجمل إنسان على وجه هذه الأرض، فحظيت منها تلك الليلة بما أسعدك على الرغم من علمكما أن هذا لا يعكس الحقيقة ولا يقترب من أدنى حدودها.
من منا لا يبح صوته وهو يردد أن الكذب آفة وأن أقبح صفات الإنسان الكذب؟
وهل تخيلت دنياك والكل يصدمك بالحقائق، دون كذب فيها أو تجميل، وخيلت علاقتك بالناس وهم يظهرون فيك ما تود أن تخفيه دون مواراة أو كذب؟..
ثم لمَ نحارب الكذب، لكننا لا نتركه، وتعتمد كثير من تفاصيل حياتنا عليه؟
من منا لا يكذب على زوجته وهو يلاطفها، أو ليتجنب المصادمة معها، ومن منا لا يكذب على رئيسه في العمل، لتبرير إخفاق أو لتحسين صورة، ومن منا لا يكذب على صديقه وهو يجامله أو يصون صداقته معه، أو على إنسان يرجو منه منفعة، إما وهو يمدحه أو ينافق له، وإما هرباً من مسؤولية أو أمر يسجل ضده؟..
الأدهى من هذا كله لم نستسيغ الكذب ونطرب له برغم ما نقوله فيه عندما يوافق ما نريد، ولا نستسيغه عندما لا يوافق رغباتنا؟.
ما هذا التباين بين ما نقول وما نشعر به حقيقة، أنا لا أعرف تفسيراً لهذا، غير أنني أظن أن النفس ترتاح لهواها وما يطربها وإن كذبت وكذب الناس كلهم لتحقيق هذا.. والله المستعان.
مع تحياتي،،،،