أتذكر جيداً حينما شهقت من الفرحة، حينها كنت في سن المراهقة لم أتجاوز الخامسة عشر من عمري، شهقة الفرح تلك جاءت حينما ظهرت على الشاشة قناة جديدة تُدعى MBC التي استهلت بثها بوجه الإعلامية كوثر البشراوي، ولينا صوان. كبرت وكبر معي حبي وولائي واحترامي لهذه القناة التي اتخذت لنفسها شعار «قناة الأسرة العربية» إلا أنها سقطت هذا العام في طبق شوربة وعلى ما فوق الركبة، ولتسمح لي قناتي التي رافقتني سنين حياتي منذ سن المراهقة أن أبدي لها بعض امتعاضي وغضبي، لأنها انجرفت قليلاً باتجاه ماذا يريد شريحة صغيرة من المجتمع، فوجبتها الرمضانية لهذا العام متخثرة بين «لورانس» ورفيقته «حليمة»، وإلا فكيف يمكن أن يفسر لي مسؤولو هذه القناة حكاية «لورانس» وكيف جاءت، ومن أين؟ لتكون الشخصية المتواضعة الشهيرة في مواقع الإنترنت بانخفاض مستوى ألفاظها حتى صرت أخجل من سماعها ولا أتشرف بها، هذه الشخصية صارت (رمزا) تليفزيونياً، هل تفهمون يا سادة يا كرام ما معنى أن تكون مثل هذه الشخصية رمز؟.. إن هذا الفعل هو تحفيز وتشجيع للشباب كل الشباب أن يحذوا حذو هذا الرجل، فلا نستغرب ولا نتعجب حينما نسمع شبابنا بعد اليوم قد تصدروا مواقع الإنترنت بأصواتهم واتخذوها منبراً للسب والشتم، ما دام هناك جائزة كبرى ستمنحهم إياها قناة MBC فلمَ لا؟ ولمَ لا يبحث الشباب عن طريق لكسب آلاف الريالات إن لم يكن أكثر!.
إن ما فعلته قناة MBC بإبراز هذا الرمز المتواضع في قيمته الفكرية والترفيهية وحتى التجارية فالذي حدث هو (صدمة) حقيقية، إذ فوجئت كغيري بتكريم هذه الشخصية الفقيرة من الناحية الفنية والفكرية عبر قناتنا التي تتصدر كافة القنوات العربية بنسبة المشاهدين.
أما الحكاية الثانية والمؤلمة لسقوط MBC فهي حكاية «حليمة» التي في الحقيقة ترددت منذ العام الماضي أن أكتب عنها، لأني أعلم أن هناك من سيقول (غيرة نسوان) إلا أن مقالاً قرأته للكاتب صخر إدريس عنوانه (هل الوليد البراهيم بحاجة إلى كل هذا الغنج؟) جعلني أيقن أنني لست وحيدة الغاضبة أمام هذا التراجع.
بصراحة، شجعني المقال أن أتناول هذه الشخصية التي تخرج لنا كل يوم مع موعد وجبة السحور، وهذا الموعد في اعتقادي خاطئ إذ كان من المفترض تقديمها بعد هذه الوجبة مكان طبق (الحلى) لأن المراد منها ومن برنامجها أن تكون بمثابة طبق (الحلى) للرجال، فلا قيمة فكرية ولا ثقافية ولا حتى ترفيهية يخرج فيها المشاهد من هذا البرنامج الذي لو تغاضينا عن خسارة القناة في عين مشاهديها واتجهنا للحسبة المادية، لوجدنا أن الملابس التي تم شراؤها لها بثمن قطعة واحدة كان بالإمكان أن تكسي عشر أسر فقيرة، وبقيمة أجر حليمة «الجميلة» في حلقة واحدة يكفل مئة يتيم، وبأجر الإستوديو لحلقة واحدة يملأ بيوت مائتي فقير بمؤونة رمضان.
إن عتبي على قناة MBC عتب محب، وليس عتب عدو ولا شامت، ولعلها تتعلم الدرس فليست كل ردود الأفعال السلبية بحسب لغتنا الإعلامية هي دليل نجاح، بل إنها في أحيان كثيرة دليل فشل وسقوط، انتهى رمضان، ولعل قناتنا تراجع نفسها في العام المقبل، وعيدكم مبارك.
www.salmogren.net