Al Jazirah NewsPaper Tuesday  07/09/2010 G Issue 13858
الثلاثاء 28 رمضان 1431   العدد  13858
 
دفق قلم
شكراً (ماركو)
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

نشرت وكالات الأنباء خبر الرجل الإيطالي (ماركو إنجيللي) وهو من رجال البرلمان الإيطالي، الذي بدأ منذ فترة بخوض معركة قانونية وإعلامية قوية مطالباً ببناء مسجد في مدينة (ميلانو الإيطالية) يستطيع أن يؤدي فيه أكثر من مائة ألف مسلم صلاتهم وعبادتهم وهي معركة بارزة مثيرة لأن ماركو ليس مسلماً، ولأنه نائب في البرلمان الإيطالي، ولأنه أيضاً يثير قضية واضحة يدعمها القانون، وتدعمها الديمقراطية التي تدَّعي أنها ترعى حرية الإنسان في اختيار الدين الذي يستريح إليه، وفي تهيئة مكان العبادة الملائم الذي يؤدي فيه الإنسان عبادته. لقد استطاع هذا الرجل أن يلفت النظر إلى تفاصيل القضية، فهنالك آلاف من المسلمين يصلون في المسارح، والشوارع بعد أن هُدِمَ مسجدهم الوحيد قبل عامين بدون حق، وبدعاوى كيدية لا تثبت أمام القانون (العادل المنصف) وقال: إنني أؤكد استمرار سعيي في هذا الطريق لمساعدة أكثر من مائة ألف مسلم في مدينة ميلانو للحصول على مسجد يجمعهم للعبادة، وفي مناسباتهم الدينية التي يجتمعون فيها، وهذا حق لهم يؤكده القانون، وقال بلهجة شديدة: إن صلاة المسلمين في الشوارع والمسارح عارٌ على بلد ديمقراطي متحضر مثل إيطاليا، وكرَّر الحديث عن الصدمة التي يعيشها المنصفون من الشعب الإيطالي وبعض رجال السياسة والقانون والمنصفين تجاه هذا الوضع المحرج الذي يعيشه المسلمون الإيطاليون في مدينة ميلانو.

ونحن (إزاء هذا الموقف) المنصف نقدِّم شكراً صادقاً إلى (ماركو) على وقفة الإنصاف التي يقفها مع المسلمين، وندعو إلى تقديم الشكر له من قبل المسلمين في إيطاليا، والمراكز الإسلامية في أوروبا، بل من كل من يستطيع أن يتواصل معه من المسلمين، فإن الإنسان المنصف يستحق الشكر على إنصافه، وهو عملة نادرة في مرحلة (الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، والقرآن الكريم والسنة المطهرة) في كثير من الدول الأوروبية. لقد مضى هدم المسجد الوحيد للمسلمين في مدينة ميلانو دون أن يحدث ضجة مناسبة لحجم الحدث، ومر عامان على ذلك الهدم كانا كفيلين بإهالة تراب الإهمال والنسيان على هذا الحدث المؤلم، ولكن الله سبحانه قيض النائب النصراني (ماركو) لينبّه الإيطاليين، والناس في أوروبا وغيرها إلى ما حدث، بل وينبه معظم المسلمين في العالم إلى ما جرى لإخوانهم المسلمين في مدينة ميلانو من تعسف وظلم.

هنالك وجه آخر للقضية شديد الإضاءة ألا وهو حرص المسلمين على دينهم في أحلك الظروف وأشدها قسوة، فهم بعد هدم مسجدهم لم يتوقفوا عن أداء عبادتهم لأن دينهم لا يعتمد على طقوس جامدة، وإنما هو دين مفتوح للهواء الطلق، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أمته أن الله تعالى قد جعل لهم الأرض كلها مسجداً وطهوراً، فهم يستطيعون أداء عبادتهم لا سيما الصلاة في أي مكان على وجه الأرض، وهذا دليل على عالمية دين الإسلام وشموليته التي لا تقف عند حد، وهذا الوجه المشرق للقضية هو الذي حرك ضمير النائب (ماركو)، لأنه رأى أنه من المخجل أن تهدم الدولة الديمقراطية مسجد المسلمين، وأن تتركهم يصلون في الشوارع والمسارح والأماكن العامة، ونحن إذ نشكره على موقفه لنؤكد أن مسؤولية العقلاء المنصفين في أوروبا كلها مسؤولية كبيرة في مواجهة المتطرفين من قومهم في عداوة الإسلام والمسلمين.

إشارة:

أنا ما يئست ولا جزعت وإنما تطوي الهزائم في الحياة جزوعا



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد