فاصلة:

{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }فصلت33

بالرغم من أننا في رمضان والناس - ولله الحمد - يتسابقون في أداء الفرائض والنوافل، لكن من المؤسف أننا لا نركز على القيم تركيزنا على العبادات.

بمعنى أننا نجد من يصلي صلاة القيام في المسجد لكنه لا يصل رحمه بسبب خلافات قديمة، ونجد من يختم القرآن وفي الوقت ذاته لا يحسن التعامل والرفق مع زوجته وأبنائه، هذا بخلاف ممارسة الكذب والإضرار بمصالح الآخرين، وكأن العبادات مفصولة عن المعاملات في ديننا، مع أن الأساس هو ربط الإيمان بالعمل الصالح!!

حينما أرسل النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه إلى الحبشة قال ملك الحبشة للصحابي جعفر رضي الله عنه حدثني عن الإسلام، فقال: (أيها الملك، كنا قوم جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحُسْن الجوار والكفّ عن المحارم والدماء).

هذا التعريف لديننا يوضح أهمية العمل والتعامل في الحياة مقترناً بالعبادات، لكن المؤسف عدم التركيز على أهمية المعاملات والسلوكيات التي لا بد أن تأتي ملائمة للعبادات. إنه التناقض وعدم قدرتنا على التأمل في أداء العبادات؛ الأمر الذي يجعل العبادات أشبه بالعادات دون أن نستطيع أن نمارس السلوكيات الصحيحة في الحياة والقيم والمبادئ الحقّة.

وإنه تغييب العقل عن التأمل والتدبر في الخلق؛ ولذلك نرى غير المسلمين يمارسون القيم الحياتية الصحيحة من صدق وأمانة وحُسْن تعامل بينما لا نجد المسلم الذي يمارس عبادته بكل ما أوتي من استطاعة لا يستطيع أن يتجاوز أفكاراً قديمة في ذهنه لا تتفق مع رحمة الإسلام وعدله.

في رمضان تستطيعون أن تتأملوا إلى أي حد تم لدى البعض تغييب العقل والبُعد التأمل في الحياة التي يعيشها الإنسان ويتفاعل فيها مع من حوله بقيم من المفترض أنها متوائمة مع دينه.