Al Jazirah NewsPaper Tuesday  07/09/2010 G Issue 13858
الثلاثاء 28 رمضان 1431   العدد  13858
 
الاستثمار المُبارك في الحرمين الشريفين
فضل بن سعد البوعينين

 

مشروعات مكة المكرمة تختلف بالكلية عن باقي مشروعات المناطق الأخرى، فمشروعاتها موجهة لخدمة الإسلام والمسلمين، وكل مشروع فيها على علاقة بضيوف الرحمن، حجاج بيت الله القادمين من أصقاع المعمورة.

كل ريال ينفق في بيت الله الحرام، والمناطق المحيطة، مضمون العائد في الدنيا والآخرة، بل إن عوائدها الأخروية تفوق مجمل العوائد الدنيوية، وإن كانت الدنيا وما فيها. وهل هناك أعظم من الأجر، والمثوبة، والفوز بالجنة، والعتق من النار، وسعة الرزق والبركة والسعادة في الدارين الأولى والآخرة.

مشروعات مكة الإستراتيجية التي تبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، منذ توليه الحكم وحتى اليوم هي تجارة لن تبور بإذن الله، ونسأله تعالى أن يجزل له المثوبة والعطاء على كل ما قدمه، ويقدمه للإسلام والمسلمين.

«بسم الله، وعلى بركة الله، اللهم اجعل فيها المنفعة للمسلمين أجمعين»، بهذه الكلمات افتتح الملك عبدالله مشروع «سُقيا زمزم» الذي وجه بإنشائه لضمان نقاوة مياه زمزم وفق المعايير العالمية، والاعتماد على التقنية الحديثة لإيصال مياهها للحجاج والمعتمرين، والمستهلكين أيضاً.

كل مشروعات الحرمين الشريفين موجهة لخدمة ضيوف الرحمن، فهم الهدف الأسمى لحكومة المملكة التي لم تدخر جهداً في سبيل عمارة المسجد الحرام، والمسجد النبوي وتهيئتهما لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين وتوفير كافة سبل الراحة التي تعينهم على أداء نسكهم وعباداتهم بيسر وسهولة. مشروعات المسجد الحرام، ربما كانت الأضخم على مر التاريخ، عطفاً على الطاقة الإستيعابية المتوقع تحقيقها بعد إتمام المشروعات الحالية.

الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين أكد على تنفيذ الملك عبدالله بن عبدالعزيز «أكبر مشروع لتوسعة المسجد الحرام في التاريخ» ووصف التوسعة بأنها «أكبر من كل التوسعات التي وجدت في التاريخ مجتمعة» على أساس أن «الطاقة الاستيعابية لمساحة هذا المشروع تبلغ مرة ونصف بقدر الطاقة الاستيعابية للمساحة الحالية المتاحة للمصلين».

جهود جبارة تقوم بها المملكة العربية السعودية لخدمة الحجاج والمعتمرين، نسأل الله الكريم في هذا الشهر الفضيل أن يجعلها في موازين أعمال خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، والنائب الثاني، وأن يعم ببركتها البلاد والعباد، إنه سميع مجيب.

مكة للأثرياء

كتبت العام الماضي تحت عنوان «فنادق مكة للأثرياء» ما نصه: «ذكرت بعض الأخبار الصحفية أن الغرفة الفندقية بجوار المسجد الحرام تجاوز سعرها 130 ألف ريال سعودي للعشر الآواخر من رمضان، في الوقت الذي بلغت فيه أسعار الأجنحة الفندقية ربع مليون ريال!!. أسعار لا يمكن القبول بها أو السكوت عنها.

فنادق مكة وشققها المفروشة أصبحت حكراً على الأثرياء القادرين على دفع الفواتير الباهظة، ولا عزاء لمحدودي الدخل ممن تقل دخولهم السنوية عن كلفة إستئجار غرفة فندقية واحدة في العشر الآواخر من رمضان».

تمادى أصحاب الفنادق المطلة على الحرم في جشعهم فتضاعفت الأسعار عما كانت عليه العام الماضي بعد أن أمِنوا جانب الجهات المسؤولة. الأمر تجاوز الأسعار إلى إلزام كل من يريد استئجار غرفة لليلة واحدة في العشر الأواخر من رمضان باستئجار العشر كاملة!.

عقود الإجارة الموقعة في وسط الحرم المكي تشبه في مضمونها عقود الإذعان المحرمة، فمن يقبل بإمضاء مثل تلك العقود في مكة؟.

ما يحدث من فنادق مكة وشققها المفروشة ما هو إلا نوع من أنواع الاحتكار والاستغلال في آن، وكلاهما محرم شرعاً، وحرمته في الحرم المكي الشريف، وفي رمضان المبارك أشد وأعظم.

لا يمكن ترك سقف الأسعار مفتوحاً في أوقات المواسم بل يجب أن يكون هناك سقف أعلى لا يحق لملاك الفنادق والشقق المفروشة تجاوزه مهما كانت الظروف.

الأسعار الفاحشة، وغير المقبولة، يمكن أن تعكس صورة سلبية عن المملكة في الخارج وتقوض كل تلك الجهود العظيمة التي تقدمها حكومة المملكة مجاناً للحجاج والمعتمرين.

أقترح أن تكون هناك تسعيرة ثابتة للفنادق والشقق السكنية المطلة على الحرم، وأن يُلغى شرط الحد الأدنى لليالي المستأجرة في نهاية الأسبوع، والعشر الأواخر، وأقترح أيضاً تخصيص جزء من دخل الفنادق والشقق بعد تحديد التسعيرة الرسمية، لخدمة الحرمين الشريفين، أو على الأقل كمساهمة ثابتة توجه لمشروعات المسؤولية الاجتماعية، فقطاع الإيواء هو المستفيد الأول من مشروعات التوسعة، وتنمية المنطقة المحيطة، وفتح باب العمرة طوال العام، دون أن يتحمل قرشاً واحداً من التكلفة الباهظة التي تتحملها الدولة، وفقها الله، خدمة للحجاج والمعتمرين.



f.albuainain@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد