قلت أمس الأول إننا في المنعطف الأخير من شهر رمضان وربما السائد هنا أن الجمعة هو أول أيام العيد، وما أرغب في قوله إننا عشنا شهراً مر علينا كلمح بالبصر، ما كاد أن يهطل علينا حتى انتهت أيامه ولياليه.
لا أخرج نهاراً أبداً في رمضان، فقد أخذت على نفسي هذا العهد منذ خمس سنوات وربما تزيد لأنني كدت أن أفقد (مزيداً) من الأصدقاء بحجة ارتفاع نسبة النيكوتين في دمي، ولكنني أخرج قبيل المغرب متجولاً في شوارع الرياض القريبة من منزلي، فأكون مرغماً ساعتها قد دخلت إلى حلبة سباق لا تنتهي إلا حين أفتح بوابة (الكراج).
هذا السباق الذي نفتعله (في السعودية خصوصاً) لم أشاهده في دول جربت الذهاب إليها في رمضان وكأن لا أحد يصوم إلا نحن، وسأحكي لكم حكاية شهدتها الأسبوع الماضي ربما مرت بكم: في السادسة إلا ربع كنت في مخبزٍ انتظر دوري (للتميس) وكنت الأخير، وكان حول الفرن زحام شديد، وحين خرج أول الغيث قال صاحب الطلب إنه يريد نصيبه ب(تقمير) أكثر فسحبه أحد الإخوة منه دون استئذان (ظناً منه أنه لا يريده) فكادت تحدث معركة حين انفجرت بصوت عالٍ من الضحك المتواصل وكأنني أشاهد مسرحية حتى التفت الجميع لي باستغراب، وسألني أكثرهم عصبية: (خير وش فيك)، لم أستطع التوقف عن الضحك وأجبته بأن الخباز أخرج ما في فرنه من خبز، وأنتما في معركة (سخيفة)، فقال بسخرية وعليها ابتسامة (الأسخف منها ضحكتك وكتاباتك)، قلت له: (أبشر سأكتب أفضل في المستقبل لكنني لن أتوقف عن الضحك) فلملم (تميسه) دون تركيز وغادر متمتماً بكلمات (نقضت صيامه)، وما زلت مستغرباً لماذا أقحم كتاباتي في (التميس).
كنت أراهن على عصبيتي الدائمة، لكنني لم أتوقع بأن أكون (بارداً) إلى تلك الدرجة الاستفزازية وربما كان الموقف (على سخافته) يحتاج للضحك في جو ساخن، حين حمدت الله أن الأمر توقف عند ذلك الحد.