من المؤسف حقاً أن بعض المشايخ عندما يطلقون ما تعارفنا عليه بالفتوى وهو - بالحقيقة - اجتهاد، ليس ملزماً لأحد ولا سلطة له على الحياة المعنوية للأفراد، يطلقونها متحمسين وشاعرين بالمسئولية فتخالف آراء المؤسسة الدينية يتراجعون سريعا عنها وتكون ذرائعهم (عائمة) وغير محددة، ففي حين يبدؤون التراجع يكثرون من قول إنه لما استمعنا لآراء العلماء الأجلاء وإنهاء - لاحظ: إنهاء - للجدل حول الفتوى (كذا) فإننا نتمنى من الإخوة عدم اعتماد الفتوى المذكورة! ونسألهم هنا وبلا تردد هل كنتم تستجيبون إلى أي ضغوط؟ ونركز: ضغوط سياسية أو دينية؟ يسارعون بالنفي والنفي هنا هو للعنوان العريض (ضغوط!). هنا فقط تشعر أن هنالك من يمارس سلطة لا على المؤسسة السياسية التي نعرف حرصها على ترك الشئون الفكرية والدينية للعاملين في حقليهما. لكن هذه السلطة الخفية وهي التي تقوم بالنقد والتقويم وبأساليب لا يتبعها المثقفون الآخرون، وذلك منهج ليس غريبا على من يتابعون آليات عمل هؤلاء.
وهذا ليس موضوعنا. لكنه يتعلق به من جهة ما. إذ قبل احتجاب المجلة الثقافية بأسابيع قليلة جدا طالعنا السيد (عبدالعزيز قاسم) وهو يقدم برنامجا في القناة الثقافية بمعلقة حول ما اعتبره شأنا ثقافيا وهو لا يبدو كذلك! كل هذا: لا يهمني! لكن جملة اعتراضية وردت فيما كتب قال فيها عن مسألة الانتخابات المزمع العمل بها في الأندية الأدبية وكان أول الغيث تأكيده ذو المعنى على أنه ليس للدكتور عبدالعزيز السبيل دور فيها كما يزعم! أو كما قال. هنا فقط شعرت بكثافة الرسالة التي يبثها، كثافتها وازدواجيتها.
إن على هذا الأستاذ والجميع ألا يظنوا أن تقاعد وكيل وزارة الثقافة والإعلام السابق الأستاذ الدكتور (عبدالعزيز السبيل) كان رسالة موجهة إلى معالي الدكتور الشاعر (عبدالعزيز خوجة) وكأنها موقف شخصي أي: ثقافي وسياسي كون معالي الوزير جزءاً من النظام السياسي. والذي يعرف السبيل لا يمكنه القول إن هنالك شائبة تشوب إيمانه الثقافي العميق ولا ارتباطه الفكري الوثاب، وأن سعادته أراد فقط أن يترك المكان لغيره لأن من يعرف زهد السبيل بالمناصب والألقاب فوق ما يتصور الذين لا يعرفون حتى متى يكون الزهد مرغوبا؟!. وثقوا أنه ليس كلاما مبطنا أخاطب به معالي الدكتور خوجة، فمعاليه أقرب لنا من الذين يظنون القربى -على طريقة بعض الظن-.