تتبدل المواقف والنتائج والآثار، بل المشاعر والأحاسيس في لحظة..,
كما تتقلب بين يدي الرحمن القلوب إلا لمن شاء لها الثبات..
بزلة في إصبع عند تدوين رقم تختلف السنون والأيام والشهور, إما تستشرف قادما، أو تستنهض دارسا.., وبخلل في بوصلة تتغير قافلة في اتجاهها فتضل المقصد.., وبكلمة في موقف تُفقد الثقة بين اثنين وأكثر.., وبتصرف إهمال تُجرح الأحاسيس وتتغير المشاعر..,..
القاصي يدنو وإن كان ريحا عاصفة، والداني يبعُد وإن كان نسمة ندية.., والأسود يعم وإن لاح في سماءٍ خيطُ نورٍ أبيض...
والإنسان يكابر كثيرا..
ينسى أن يتفكر في الآخر قدر تفكيره في نفسه.. فيتشتط في نزقه.., ويعلو صوت ذاته.., ويُمعن في هواه.., ويران على قلبه.., فلا يتبين أخطاءه ولا يشعر بها، ومن ثمة لا يزنها بميزان النتائج التي تبدلت بذلك، أو المواقف التي تغيرت في إثر ذلك، أو المشاعر التي تألمت بسبب ذلك، أو الوجهة التي ضلت بعد ذلك...
لا يخسر الإنسان وهو يجاهد نفسه فيتغلب على أمراضها بدواء التَّبصر والتَّمعُن والاسترجاع والإنابة والفصل بينها وبين ما ليس لها، وبتقنين ما عليها وإجرائه في سيرورته الطبيعية من حسن الأداء والأدب معها.. والتأدب مع الحقيقة في الآخر.. وفي كل متحرك فوق سطح الأرض...
لا يخسر وهو ينزل كلَّ أمر منزلته، ويعطي كلَّ وزن كفَّته..، وكلَّ كفَّة وزنَها..!
لا يخسر من يحترم في الآخرين عقولهم فيخاطبهم قولا وفعلا على قدرها ولا يستخف بمقدراتهم ومنازل قلوبهم وعقولهم...
لا يخسر من يدرك أن المرء بأصغريه «قلبه ولسانه»..
لا يخسر من يؤمن بأن الحياة طريق، من أتته تركض ستذهب عنه كما اللمحة، فبأي الحمولة سيغدو..؟ لأي جهة..؟ وبأي أثر..؟
خاسر من لا يعي الخيط الأسود في وضح النهار وكل شيء ذاهب للغروب..