بالأمس، تحدثت عن صورة الأطفال الذين لا نزال نحملهم في ظهر الوانيتات العارية معرضين إياهم لخطر الموت يومياً، دون تدخل يذكر لإيقاف هذه الصورة من أية جهة رسمية، حتى تحول هذا المشهد إلى هوية من هوياتنا.
أما صورة اليوم، والتي تشكل هوية أخرى لنا، فهي لمجموعة شباب من أعمار متقاربة ما بين الـ18 و23 سنة، منهم من يلبس طاقية ومنهم من دونها، منهم من يلبس شماغاً ومنهم من دونه، كلهم شعث غبر، الانكسار يكسو وجوههم، والإحباط يغمر سحناتهم، في يد كل منهم ملف أخضر علاقي، في داخله شهادات التخرج ودعوات الآباء والأمهات بأن يسهل الله لهم هذه الوظيفة التي لم تعد موجودة إلاّ بواسطة من العيار الثقيل.
مثل هذه الصورة تتكرر كل يوم، أمام كل جهة حكومية وأمام كل شركات ومؤسسات القطاع الخاص. تزاحم بشري لشباب لا يعرفون من هو المسؤول الأول عن إنهاء أزماتهم وانتظارهم وتشردهم في الشوارع بلا عمل أو بأعمال وضيعة لا مردود لها إلاّ ضربات الشمس!
الصورة الأولى التي تحدثت عنها أمس، والصورة الثانية التي تحدثت عنها اليوم، هما مؤشران لعدم احترام الأطفال كنوز المستقبل، ولعدم الاهتمام بالشباب ثروات الحاضر. وسوف لن نتمكن من القضاء على هاتين الصورتين، طالما برامجنا التنموية لا يتم مراقبتها ولا محاسبة المقصر فيها، حساباً يليق بفداحة ما يقترفونه يومياً بحق الأطفال أو الشباب.