شرح عباس حسن رحمه الله في كتابه (النحو الوافي، 1 : 242) ضمير الفصل وضرب له أمثلة يبين بها أهميته، مثل «الشجاع الناطق بالحق يبغي رضا الله»؛ فلمعنى الجملة احتمالان: الأول يهبه كون (الناطق) نعتًا (الشجاع الناطق بالحق/ يبغي رضا الله)، والثاني يهبه كون (الناطق) خبرًا (الشجاع/ الناطق بالحق يبغي رضا الله)، وليس يفصل بين الاحتمالين سوى إقحامِ ضمير بين المبتدأ والوصف ليتبين أنه ليس بنعت للمبتدأ؛ إذ لا يفصل بين النعت والمنعوت في السعة، (الشجاع هو الناطق بالحق يبغي رضا الله). واضطرب النحويون في تصنيف هذا الضمير فمنهم من عدّه حرفًا لأنه رآه مبنيًّا لا محل له من الإعراب، ولعل بعضهم غرّهم تسمية سيبويه له حرفًا(الكتاب، 2 : 390) وهو يقصد لفظًا لا الحرف بالمعنى الاصطلاحي.
ولضمير الفصل شروط أوصلها حسن إلى ستة، ولكنها تتلخص في أنه ضمير رفع منفصل مطابق لما قبله واقع بين مبتدأ معرفة وخبر معرفة أو كالمعرفة وهو أفعل التفضيل. وعلى الرغم من ترجيح حسن لعد ضمير الفصل حرفًا استثنى حالة واحدة (النحو الوافي، 1 : 248) «لكن هناك حالة واحدة يكون فيها اسمًا، ويجب إعرابه وتسميته فيها: ضمير الفصل؛ وهى نحو: (كان السَّبّاقُ هو عليٌّ) برفع كلمة: السبَّاق، وكلمة: عليّ. لا مفر من اعتبار: (هو) ضميرًا مبتدأ مبنيًّا على الفتح في محل رفع وخبره كلمة: (عَليٌّ) المرفوعة، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب خبر: (كان). وبغير هذا الاعتبار لا نجد خبرًا منصوبًا لكان. ومثل هذا يقال في كل جملة أخرى لا يمكن أن يتصل فيها الاسم الثاني بالأول بصلة إعرابية إلا من طريق اعتبار الفاصل بينهما ضميرًا مبتدأ على نحو ما تقدم أو غيره». والاضطراب ظاهر في هذا القول فكيف يعدّ ضمير فصل وقد تخلفت بعض الشروط المذكورة، فلم يعد الضمير فاصلا بين مبتدأ وخبر، بل صار جزءًا من جملة أخرى هو عمدة فيها؛ ومن أجل ذلك نقول: إن الضمير المنفصل قد يقع بين المبتدأ والوصف المعرف، فإن كانا مرفوعين (زيدٌ هو المنطلقُ) فللمعرب الخيار أن يعد الضمير المنفصل مبتدأ ثانيًا أو يعده (ضمير فصل) لا محل له من الإعراب، فإن كان الوصف منصوبًا تعيّنت الفصليّة (كان زيدٌ هو المنطلقَ). وكذلك لا يعدّ الضمير المنفصل عندي ضمير فصل إن جاء مؤكدًا للضمير المتصل عند توكيده توكيدًا معنويًّا (كنت أنت نفسُك تهتم بالأمر) أو عند العطف عليه (كنت أنت وصاحبُك تهتمان بالأمر).
ونخلص إلى أنّ ضمير الفصل وظيفة من وظائف الضمير المنفصل غير أنه يقحم بين المبتدأ والخبر المعرفة ليتعين أنه خبر لا نعت للمبتدأ، وهو كالجملة المعرضة لا يكون له محل من الإعراب.