من يلاحظ صُحفنا المحلية هذه الأيام وهي تزخر بالإعلانات والكتابات والقصائد التي تتضوّع ابتهاجاً بسلامة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - بعد العملية التي أجراها مؤخراً في الولايات المتحدة، يدرك أن ضوع عبير المحبة الذي ينطلق منها لم يأتِ إجباراً ولا مُفتعلاً ولا مخططاً له، بل أتى عفوياً معبراً عما يكنّه هذا الشعب الأصيل لأحد رموزه المشرقة والمضيئة - دوماً - بالمحبة والوفاء والتواصل والمواقف النبيلة، فبعض هذه التعابير الضوّاعة بالحب كما قلنا قد جاءت في الغالب بدافع من المحبة الخالصة و(القبول) الشخصي الخاص الذي يختص به رب العزة بعض عباده به دون سواه من العالمين، أو أن هذه التعابير قد جاءت تعبيراً عن ثناءات مؤجلة لأعمال هذا الرمز سواءً أكانت الثناءات لمواقف اجتماعية أو لمواقف شخصية نبيلة عُرف بها هذا الرمز مع أصحاب تلك التعابير طوال تاريخه المجيد، أو أن الإجماع العام على محبة هذا (الرمز - الرجل) يجعل الكل يسهم في هذا التقدير الكبير حتى ولو لم يكن للبعض منهم مواقف خاصة معه، ولكن هذا البعض يدرك أنه جدير بالمحبة ولا شك.
والحالة الأخيرة تنطبق تماماً على رحيل المغفور له بإذن الله الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - فأنا أجزم هنا أن (95%) ممن كتبوا عنه أو رثوه نثراً وشعراً لم يكونوا على صلة شخصية به، ولربما ليس لهم مواقف خاصة مع ذلك الراحل النبيل ولكن غازي كان رمزاً وطنياً وثقافياً استطاع خلال حياته أن يزرع محبته في قلوب الجميع، لذلك أحبه الجميع هكذا وكما يقول العامة (لله في الله) وذلك لأنه من (لا يشكر الناس لا يشكر الله)، فمحبة البشر للبشر لا يمكن شراؤها بمال الدنيا كله ما لم يكن ذلك المحبوب جديراً بها.