لا نحاول اليوم أن نستبق الأحداث مثلما يتوقع أحد أو يتكهن، ولن نمارس ما سيظن البعض أننا نبحث عنه كل عام، حين يجمع الجميع على أن أحداً لم ينجح وأخفقوا في اختبار رمضان (درامياً)، على الرغم من الكم الكبير الذي أنجبته الدراما السعودية هذه السنة.
هذه السنة وصلت الأعمال الدرامية المحلية إلى أرقام قياسية مقارنة بالسنوات الماضية، وجميعها احتفظ لنفسه بطريق (الكوميديا)؛ رغبة في الوصول أكثر و(التحاشر) في منطقة الذروة (ونقصد هنا فترة ما بين المغرب والعشاء)، وانقسم المشاهدون بين مؤيد ومعارض لمعظم الأعمال، وكل له مبرراته، ونقف اليوم في منطقة الحياد حتى تتضح الرؤية (تماماً).
وحين نتحدث عن المتفائلين فإنهم يرون أن هذه الحالة تعتبر (صحية) حتى وإن كانت كمَّاً، لأن مثل هذه الأعمال على كثرتها تعطي مساحة واسعة للممثلين وشركات الإنتاج للتنفيس عن طاقاتهم واكتساب الخبرة وتفادي الأخطاء مستقبلاً، والأفضل من ذلك كله هو كسر الاحتكار وأن النجومية لم تعد مقتصرة على فئة دون أخرى، وأن (الفتات) لم يعد يجدي نفعاً، والفضائيات فتحت أبوابها على مصراعيها لكل صاحب موهبة بعيداً عن نجوميته من عدمها، ويضيف المتفائلون بكل ثقة: يكفي أن جميع الفنانين شاركوا ولم يبق أحد منهم في بيته.
وشيء آخر هو ولادة نجوم جدد كان الاحتكار عائقهم الوحيد وفرصة رمضان هي الأمثل لاقتناصها وعدم التفريط فيها، وأن مثل هذه المحاولات يجب أن نباركها وأن تحظى باهتمام كبير وتشجيع، والبعد عن تكسير المجاديف والنظر بنظارة تشاؤمية تؤخر ولا تقدم.
الفريق الثاني يرى أن الأعمال الدرامية السعودية جاءت عكس ما كنا نأمل، وأنها تدور في حلقة مفرغة وفارغة الا من التهريج والابتذال في النكتة والحركة والحوار الفارغ، والوصول إلى مرحلة (المهزلة).
ويرى فريق (الضد) أن الدراما السعودية لم تستفد من دروسها السابقة واستنفدت كل الوقت المتاح لديها والفرص التي أعطيت لها، وان ما عرض هذه السنة هو جزء متصل بما حدث السنة الماضية بأخطائها (الفادحة) وسطحيتها في التعاطي مع الأحداث والارتكاز على (التهريج) كواحد من أهم ركائز التمثيل، وأن واحداً أو اثنين نجحوا والبقية واصلوا ما كانوا عليه ولم يتعلموا.
ويرى هذا الفريق أن القنوات الفضائية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية خاصة أنها دعمت بالمال وبالبث هذه الأعمال دون أن تكلف نفسها أو فريقا منها بمراقبة ما تم تصويره أو قراءة الأعمال التي كتبها كتاب دون المستوى ولا يفقهون شيئاً.
هذا الفريق لم يتوقف عند هذا الحد من الهجوم بل امتد ليصل إلى وسائل الإعلام التي أوصلت للقارئ أو المشاهد أن كل عمل سيتفوق على الآخر، حتى جعلوا الجميع في حالة ترقب وما لبثوا أن صدموا بزيف ما كانوا ينتظرون، وأن العلاقات (الشخصية) أسهمت في هذه المداهنة وهذا التعتيم والتضليل.
نحن اليوم أمام فريقين على الرغم من أننا في الثلث الأخير من رمضان ولكن البعض يقرأ الكتاب ويحكم عليه من عنوانه، وإن حدث خطأ هنا أو هناك فهذا هو الشيء الطبيعي لأن أحداً لم ولن يصل إلى درجة الكمال.
من أخطأ أو فشل فهو يعرف نفسه حتى إن سقنا له قوافل من قصائد المديح، والناجح يعرف كيف نجح حتى لو زرعنا شوكاً في طريقه، والمشاهد لم يعد إلا ناقداً فاهماً متفهماً ويمتلك سلاحاً جباراً اسمه ال (ريموت كنترول)، باستطاعته أن يخسف الأرض بمسلسل كلف ملايين الريالات بضغطة زر، ويظل السؤال حائراً بين السطور السابقة (هل نجح أحد في اختيار الدراما السعودية).