يسرني أن أضع بين يدي القراء الكرام وبخاصة متابعو التراجم للشخصيات العلمية ونسخ الكتب والوثائق مسيرة شخصية برزت على مستوى إقليم سدير العزيز عامة وبلدة جنوبية سدير خاصة وهو الشيخ بدر بن محمد البدر مطوع بلدة جنوبية سدير -رحمه الله رحمة واسعة- والذي وافته المنية صباح يوم الأحد الموافق 5-4-1431هـ، فقد كان -رحمه الله- علما من أعلام جنوبية سدير؛ فهو بدر بن محمد بن بدر بن علي البدر رحمه الله توفي وقد جاوز عمره التسعين عاما، قضاها في طاعة الله حيث ولد وترعرع في كنف والده الذي كان مطوع البلدة وإمام جامعها ومعلم الكتاتيب ومأذون الانكحة فيها وبعد أن شب عوده طلب العلم فرحل إلى الرياض وتتلمذ على يد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (المتوفى سنة 1389 هـ) وأخذ عنه ما قدر الله له أن يأخذه وتتلمذ أيضا على يد الشيخ عبد الله العنقري (المتوفى سنة 1373 هـ) بعدها رشح للقضاء كما رشح غيره مثل الشيخ ابن زاحم والشيخ ابن صالح أئمة الحرم المدني الذين رشحهم فضيلة الشيخ عبدالله العنقري رحمهم الله جميعاً لكنه تمكن من الاعتذار والعودة إلى والده الذي يحتاج إليه، فكان يخطب في جامع البلدة مع وجود والده الذي كان إماما لجامعها وناظرا على أوقافها وموثق وصاياها وأوقافها.
وبعد وفاة والده عام 1363هـ تولى بعده الإمامة بعد توصية من الشيخ العنقري عندما أرسل أمير الجنوبية (آنذاك) سعد بن عبدالله بن زامل أمير البلدة في حينه يخبره بوفاة الأب وأن جماعة البلد يريدون إماما يعلمهم أمور دينهم ودنياهم فرد الشيخ بان الابن فيه خير وبركة، وقد ألزمناه مكان والده فكان هذا الرد إلزاما من الشيخ العنقري للابن بتولي مهام والده، ومنذ ذلك اليوم وهو إمام ومطوع وناظر الأوقاف للبلدة ومأذون انكحة، واستمر فيها إلى أن انتقل إلى الدار الآخرة فيكون قد أمضى 68 عاما في خدمة دينه وبلده وناسه وجماعته، وقد عرف عنه رحمه الله الجد في الأمور والحزم ومخافة الله وعندما افتتحت المدرسة الابتدائية في البلدة عام 1374هـ كان خير من يتولى قيادتها إلى أن تقاعد ببلوغه السن النظامية للتقاعد، وقد أدارها بكل جد واجتهاد وحرص فتخرج على يديه أجيال منهم حملة الشهادات العليا رحمه الله، فقد كان مثالا للمؤمن الذي يخاف الله ويرجو رحمة ربه حتى عندما كبر وضعف لم يستهين ويتهاون في أداء الصلاة في مسجده والإمامة فيه مع ما يمر به من ضعف في السمع والبصر ورغم ذلك كنت أراه يذهب إلى المسجد قبل وقت الأذان حتى يأخذ نصيبه من الطاعة لربه حتى في رمضان، ورغم كبر سنه كان يحرص على الصلاة المفروضة وصلاة التراويح والقيام في مسجده في البلد القديمة، وما يرافق ذلك من إجهاد لمثله في سنه.
لقد كان الجميع يحترمه ويوقره صغيرهم وكبيرهم لما له من مهابة واحترام وتقدير وابتعاد عن صغائر الأمور حتى أضحى محل استشارة لأهل البلد، والدليل على ذلك الجمع الغفير الذي حضر للصلاة عليه وتشييع جنازته حتى امتلأ المسجد والساحات المجاورة للمسجد بالمصلين فكان يوما عظيما يليق بمكانة هذا الرجل ومحبة الناس له. رحل وقد خلف من الأبناء عبدالله و محمد وعبدالرحمن وعبدالعزيز وفهد.. جعلهم الله خير خلف لخير سلف.
هذا ما تيسر لي أن أكتبه عن هذه الشخصية المتميزة والتي قضت عمرا مديدا في خدمة الوطن من بوابة الإمامة والأوقاف والحرص على الصالح العام.
فهد بن عبد الله العواد - جنوبية سدير