أصدر خبراء صندوق النقد الدولي تقريراً عن اقتصاد المملكة والسياسات التي انتهجت خلال الفترة الماضية واستطاعت أن تثبت كفاءتها في التصدي للأزمة المالية العالمية من خلال حماية النظام المصرفي وتحفيز الاقتصاد بتوسيع الإنفاق الحكومي على مشاريع البنى التحتية.. وأشاد الصندوق كثيراً بكل ما تم إنجازه إلى الآن على الصعيد الاقتصادي بشكل عام.. لكن الخبراء طالبوا بإعادة النظر بسياسة دعم أسعار الوقود لتخفيف الاستهلاك المحلي للنفط وهي سياسة تقليدية اعتاد البنك أن يطلبها كثيراً من جميع الدول بدون استثناء لأنه يرى أن ذلك يخفف من الأعباء التي تتحملها الميزانية نتيجة دعم أسعار الوقود ويقلل من الاستهلاك والمح إلى دعم للجهود المبذولة لتخفيف الاستهلاك وهنا لابد من توضيح هذه الجهود التي ترتكز على استخدام الطاقة الذرية والمتجددة لإنتاج الكهرباء وكذلك توسيع استخدامات النقل العام داخل المدن تحديداً بينما يركز الصندوق على تخفيف الدعم وهنا لابد من التأكد هل يعرف خبراء الصندوق أن تخفيف الدعم ما هي تبعاته وهل هيكيلية الاقتصاد تسمح بذلك في المدى المنظور سواء لعام أو عامين وهل يقيس تكلفة الإنتاج الحقيقية للنفط لدينا حتى يعرف هل الدعم سلبي أم إيجابي، أم يقارننا بمن يستورد النفط وترتفع التكاليف عليه.
ثم تطرق الخبراء إلى ضرورة موازنة مؤسسة النقد بين دعم النشاط الاقتصادي والتضخم وضرورة سحب فائض السيولة عند الحاجة فأين الجديد بين كل ما ذكر هذه أبسط قواعد العمل في البنوك المركزية بشكل عام لكن هل نظر الصندوق إلى حقيقة التضخم من كل الزوايا وحفزنا على توسيع الاستثمار لزيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد وبالتالي امتصاص التضخم على المدى الزمني الطويل والمتوسط تلقائياً أم أنه نظر إلى بديهيات الأمور وذكرنا بها هل فعلاً كان محقاً بأن نستمر بربط الريال بالدولار أم أنه أضاف عبارة ترفع عنه الحرج عندما قال إن التقييم العادل للعملة يجب النظر به.
كما قال لنا الخبراء إن نظامكم المصرفي ممتاز ولا أعرف إذا كنا نجهل ذلك أم لا، فالأزمة أثبتت الكثير من النقاط التي تؤكد قوة النظام المصرفي وصموده بوجه الأزمة إلى الآن بارتياح كامل لكنه شدد على نقطة أن الصناديق الحكومية التي ساندت سوق الإقراض يجب أن يعاد النظر بآليتها مستقبلاً بعد الأزمة هل المطلوب أن تكون ذات ربحية عالية ومنافسة تجارية لسوق الإقراض المصرفي أم تقلص من دورها بشكل كبير وتبتعد عن الساحة تماما أعتقد أن آلية الاقتصاد السعودية تتطلب بقاء دور فاعل لتلك الصناديق لسنوات طويلة فمازال اقتصادنا فتياً وبحاجة لكثير من الدعم ومن أوجه عدة حتى نصل لمرحلة النضج الكامل بقطاعنا الخاص كي يتحمل قواعد العمل بالسوق بدون دعم أو مساندة ويثبت كفاءته من جودة إنتاجه وخدماته.
واعتبر الصندوق أن فتح فرص عمل مسألة حيوية ولكنها تحدٍّ؛ الحقيقة أن الوظائف متوفرة لكنه لم يدخل بعمق المشكلة ليعرف أن سوق العمل يحتاج إلى هيكلة كاملة وإن عدم استيعابه للشباب السعودي لم يأتي من ضعف بمخرجات التعليم كما هي عادة التبريرات التي تساق دائماً بل من جوانب عدة لابد من النظر لها وبالتالي فان سوقنا يعج بفرص العمل ولكن كيف يمكن فلترة السوق وتنظيمه هي المحك
وحتى نشهد للصندوق بإيجابية وحيدة ذكرت بالتقرير أن الصندوق يدعم اتجاه المملكة لتطوير الإحصاء لديها ويساندها في كل ما يحقق لها ذلك، وأعتقد أننا فعلاً بحاجة لمزيد من تطوير أدوات تساعد على القيام بإحصائيات واسعة وشاملة لأنها ستكون عاملاً مساعداً وقوياً بالكثير من الجوانب المهمة بالعمل الاقتصادي والاجتماعي.
خلاصة القول ان الصندوق أنصف المملكة بكل ما اتخذته من إجراءات وبالتالي فان الأولى به أن يأخذ هذه التجربة ويقدمها لدول تتشابه معنا في هيكلية اقتصادها كما أن هذا الإطراء يعكس الصور التي يجب أن يرسم عليها كل اقتصاد بمعزل عن نصائح المؤسسات الدولية لأنها تنظر للجميع بمعيار واحد ويتجلى ذلك بكثير من النقاط التي ذكرت بالتقرير التي لم تفرق بين دولة منتجة للنفط ومصدرة له وأخرى مستوردة ولم يقرأ احتياجاتنا الاقتصادية بالشكل الذي يثبت فعلاً عمق الاطلاع على تفاصيل ومزايا الاقتصاد السعودي.